فارتفعت أسعار العقارات والمزارع ، وشعر الناس بكثرة النقد الذهب في أيديهم حتى كان المشتري لا يجد من يبيع عقارا أو أرضا إلا بثمن فاحش ، إلى أن دخلت الجيوش الإنكليزية والعربية هذا القطر تحمل معها الذهب وتنفقه بلا حساب ، ويقدر ما أنفقه الجيش الإنكليزي في سنة (١٩١٩) والأشهر الأولى من سنة (١٩٢٠) في أرض الشام بما يقارب الثلاثة ملايين من الجنيهات المصرية.
الورق النقدي والعوامل في تدني الاقتصاديات :
وحدث خلال الحرب أن اتجر كثير من الماليين بأوراق النقد الدولي على اختلاف أنواعه ، وأصبح بعضهم يستورده من طريق ألمانيا والنمسا وسويسرا إلى الإستانة ، ومنها توزع في أنحاء بلاد العرب مثل الكورون النمساوي والمارك الألماني والشلن الإنكليزي والفرنك الفرنساوي والروبل الروسي وأوراق النقد التركية والأسهم اليابانية والعقارية المصرية والأرجنتينية على اختلاف أنواعها ، وأصبحت تباع بقيم تنحط أحيانا عن قيمتها الحقيقية ٢٥ إلى ٥٠ في المئة. وتدنى سعر الروبل الروسي إلى ١٠ و ١٥ في المئة وكذلك المارك والكرون ، فأقبل عدد كبير من التجار وأرباب الأملاك حتى والنساء على مقتناها وذلك على أمل أن تعود إلى أسعارها الأولى بعد أن تضع الحرب العامة أوزارها. ويقدر الخبيرون أن الشام أدت قيمة ما ادخرته من أوراق النقد هذه ما يربو على خمسة ملايين ليرة عثمانية ذهبا ، كان القوم يأمل بيعها بما يقارب أسعارها الأولى ، وبذلك يربحون ربحا عظيما من أيسر طريق.
ثم أعلنت الهدنة عام (١٩١٨) وبدأ تجار الشام يستوردون البضائع المنوعة التي اشتدت حاجتها إليها من البلاد المصرية أولا ثم عقدوا المبيعات المختلفة من أوربا بأسعار عالية ، وقد اضطر أرباب المصانع والمعامل إلى رفع أسعار بضائعهم لعوامل عديدة ، ومنها قلة الأيدي العاملة بعد الحرب العامة ، وغلاء المواد الأولية للصناعات المنوعة ، وارتفاع أسعار الفحم وأجور المواصلات ، وراح الكثيرون بالنظر للحاجة الماسة إلى عقد مبيعات عظيمة من أنواع البضائع المنسوجة والمغزولة على كثرة أنواعها ، ومن الأصناف