من حيث المعنى ، أو من سياق الكلام (١) ، كقوله تعالى (وَلِأَبَوَيْهِ) [النساء : ١١] ؛ لأنه لما تقدم ذكر الميراث دلّ على أن ثمة مورثا فكأنه تقدم ذكره معنى.
وأما التقدم (٢) الحكمي (٣) فإنما جاء في ضمير الشأن (٤) والقصة ؛ لأنه إنما جيء به من غير أن يتقدم ذكره قصدا لتعظيم القصة بذكرها مبهمة ليعظم وقعها في النفس ثم تفسيرها فيكون ذلك أبلغ من ذكره أولا مفسرا صار كأنه في حكم العائد إلى الحديث المتقدم المعهود بينك وبين مخاطبك وكذا الحال في ضمير (نعم (٥) رجلا زيد) و (ربه رجلا). (هو) أي : المضمر بالنظر إلى ما قبله قسمان :
(متصل ، ومنفصل (٦) فالمنفصل المستقل بنفسه) (٧) غير محتاج إلى كلمة أخرى قبله ليكون كالجزء منها ، بل هو كالاسم الظاهر (٨) سواء كان مجاورا لعامله ، نحو : (ما
__________________
(١) قوله : (من سياق) السابق على الضمير أو الواقع فيه الضمير وإن كان مع ضميمة قرينة خارجية كما قال الشيخ الرضي في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[القدر : ١] أن النزول في ليلة القدر والتي هي في رمضان دليل على أن المنزل هو القرآن مع قوله تعالى :(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)[البقرة : ١٨٥]. (عبد الغفور).
ـ الفرق بين السباق والسياق الأول يطلق على المتقدم والثاني على المتأخر.
(٢) لم يقل وأراد بالتقدم الحكمي كما قال في اللفظي والمعنوي ؛ لأن مراد المصنف غير معلوم في حكمي ؛ لأن بعض المصنفين كالبيضاوي لم يذكر التقدم الحكمي أصلا وتفصيله في الامتحان.
(٣) والمراد بالتقدم الحكمي أن لا يتقدم ذكره لا لفظا ولا معنى بل يكون في حكم تقدم الذكر وذلك بأن يؤتى به مبهما كتعظيم القصة ثم يفسر فيكون تأخير التفسير الذي أصله التقديم لغرض فكان في حكم التقديم وكان متقدما حكما معهودا بينك وبين مخاطبك كسائر ما يرجع إليه الضمير من المتقدم لفظا أو تقديره. (وجيه).
(٤) ولضمير الشأن أربع مراتب : عدم تقديم المرجع ، وكون الخبر جملة ، وعدم رجوع الضمير منها إليه ، وكون مفهوم الشان.
(٥) تقول : نعم الرجل زيدا أو غلام الرجل زيد وبئس الرجل عمرو أو غلام الرجل عمرو وسمي الأول فاعلا والثاني المخصوص بالمدح والذم ويضمر الفاعل ويفسر بنكرة منصوبة فقال : نعم رجلا زيد.
(٦) لأنه إن لم يكن مستقلا في التلفظ فهو الأول وإلا فهو الثاني. (عافية).
(٧) في التلفظ أي : الذي صح التلفظ به في الاصطلاح وأما معنى المعنى فالمنفصل والمتصل كلاهما مستقلان ؛ لأنهما اسمان. (هندي).
(٨) فيه إشارة إلى أن المعتبر في الاستقلال وعدمه الفرق والاستعمال دون الفعل وإلا لما جاز اشتراك هما وهم وهن.