فإذا لم يقصد السببية لا يحتاج إلى الدلالة عليها.
(والثاني : أن يكون قبلها) أي : قبل إلغاء أحد الأشياء الستة ليبعد (١) بتقديم الإنشاء أو ما في معناه من النفي المستدعي جوابا عن (٢) توهم كون ما بعدها جملة معطوفة(٣) على الجملة السابقة (أمر) نحو : (زرني فأكرمك) أي : ليكن منك زيارة فإكرام مني (أو نهي) نحو : (لا تشتمني فأضربك) أي : لا يكن منك شتم فضرب مني.
ويندرج (٤) فيهما الدعاء ، نحو : (اللهم اغفر لي فأفوز) و (لا تؤاخذني فأهلك)(٥).
__________________
ـ على السببية كذا ذكره الفاضل الهندي وغيره وقيل إنما يشترط السببية لا كون الأول سببا والثاني مسببا علم الإخبار أن يحكم الاستعمال. (وجيه الدين).
(١) قوله : (ليبعد تقديم الإنشاء وما بمعناه) أراد أن الفاء للعطف فيقدران ليعطف المفرد على المفرد المقصود من الإنشاء المتقدم فلا بد من اشتراط ذلك ليبعد عن توهم كون ما بعدها جملة معطوفة على الجملة السابقة. (وجيه الدين).
(٢) قوله : (عن توهم) إنما قال : توهم لأن دفع احتمال عطف الجملة على الجملة حصل بنصب المضارع إلا أن توهمه باق باعتبار غفلة السامع عن النصب. (س).
(٣) قوله : (جملة معطوفة) من غير أن يقصد السببية أحدهما للأخرى أما بعد قصد السببية فيجوز أن يعطف مصدر أحدهما على مصدر الأخرى باعتبار اشتراكهما في الطلب أو النفي. (عبد الحكيم).
(٤) قوله : (ويندرج فيهما الدعاء) ويندرج فيه التخصيص وما وقع على صيغة الترجي أشار بذلك إلى دفع الإشكال وهو أنه ماله هل ينفي ترك الدعاء والتخصيص وما على صيغة الترجي ووجه الدفع أن الدعاء مندرج في الأمر والنهي لكونه على لفظهما غالبا والتخصيص مندرج في النفي والترجي الذي أريد به التمني وإن كان على صيغة الترجي داخلا في التمني. (وجيه الدين).
ـ قوله : (فيندرج في الأمر والنهي) هذا عند النحويين وأما عند المناطقة الإنشاء أقسام ثلاثة ؛ لأنه إما أن يقارن الاستعلاء فهو أمر كقول المولى لعبده مثلا وإما أن يقارن التساوي فهو التماس كقول أحد لمن يساويه في المرتبة اضرب زيدا وإما أن يقارن الخضوع فهو سؤال ودعاء كقول العبد لخالقه : اغفر لي وإما عند النحويين كلها أمر بلا فرق. (لمحرره).
(٥) لأن الدعاء وإن كان دعاء من جهة المعنى إلا أنه في صورة الأمر من حيث اللفظ فتدخل فيه. (لمحرره).
ـ وألحق الكسائي بالأمر الدعاء على لفظ الخبر نحو : غفر الله لك فتدخل الجنة واسم فعل بمعنى الأمر نحو : عليك زيدا فأكرمك والأمر المقدر نحو : الأسد الأسد فتجوز ووافقه ابن جني في مثل نزال ؛ لأنه في حكم الأمر في الاطراد ولم يرض به الجمهور.