ففي جملة هذه المواضع معنى السببية مقصود ، والفاء تدل عليها ، وما بعد الفاء في تأويل مصدر (١) معطوف على مصدر آخر مفهوم مما قبل الفاء. وأما نحو :
سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا |
بدون تقديم أحد الأشياء الستة فمحمول (٢) على ضرورة الشعر (٣).
(والواو) التي ينتصب بعدها المضارع بتقدير (أن) ، فتقدير أن بعدها مشروط (بشرطين) :
أحدهما : (الجمعية) (٤) أي : مصاحبة (٥) ما قبلها لما بعدها وإلا فالواو للجمع دائما.
(و) ثانيهما : (أن يكون قبلها) أي : قبل الواو (مثل ذلك) (٦)
__________________
(١) وإنما كان تقديرها كذا ؛ لأنه لما قصد أن الأول سبب للثاني وجب إضمار أن ليعلم أنه كذلك ولما أضمر أن كان ما بعد الفاء في تقدير المصدر وهو للعطف فوجب أن يجعل ما قبله أيضا في تقدير المصدر لئلا يلزم عطف الاسم على الفعل. (وافية).
(٢) يعني خلاف الاستعمال اضطرارا قبل يحتمل أن يكون مما دخله نون التأكيد الخفيفة في الجواب. (حكيم).
(٣) جعل لضرورة الشعر ومع ذلك توجيه العطف بتأويل ما قبله بقولنا : سيقع متى ترك منزلي وإلحاقي بالحجاز فاستراحة ويمكن توجيهه بما يخرجه عن الضرورة وهو أن يجعل سأترك وألحق في معنى الأمر أي : لا أترك ولا ألحق فأستريحا. (عصام).
(٤) قوله : (الجمعية) لاشتراكهما في الطلب أو النفي واختار الرضي أنه مبتدأ محذوف الخبر ؛ لأن فاء السببية مع أن مجيئها للعطف قليل مختصة بعطف الجمل نحو : الذي يطير فيغضب زيد الذباب. (سيالكوني). أي مصاحبة ما قبلها لما بعدها أراد اجتماع ما قبلها لما بعدها في زمان واحد كما صرح به بعض الشارحين والعلة في اشتراط الشرطين هي العلة المذكورة في الفاء ؛ لأن الواو للعطف كالفاء فأضمر إن بعدها ليعلم الجمعية ؛ لأن تغيير اللفظ يدل على تغيير المعنى ويلزم منه جعل الفعل الذي قبله في تقدير المصدر فيكون عطف الاسم على الاسم. (وجيه الدين).
(٥) ولما كنا على المصنف أن يقول كونها للجمع وقد عدل عنه فقال الجمعية بالياء المصدرية أشار إليه الشارح بقوله : (أي : مصاحبة ما). (محرم).
ـ والمصاحبة أخص من الجمع ؛ لأن في المصاحبة لقاء الزمان والمكان شرط والواو التي للجمع ليس بشرط. (لمحرره).
(٦) فذلك إشارة إلى الواقع قبل الفاء لا إلى الأشياء الستة المذكورة حتى يلزم تشبيه الشيء ـ