لام الجحود فلما لم تدخل على الاسم الصريح لم يظهر بعدها (أن) وكذا (حتى) لأن الأغلب فيها أن تستعمل بمعنى (كي) وهي بهذا المعنى لا تدخل على اسم صريح ، وحمل عليها التي بمعنى (إلى) لأن المعنى الأول أغلب في (حتى) التي يليها المضارع.
وأما الفاء والواو و (أو) فلأنها (١) لما اقتضت نصب ما بعدها للتنصيص على معنى السببية والجمعية والانتهاء صارت كعوامل النصب (٢) ، فلم يظهر الناصب (٣) بعدها.
(ويجب) أي : إظهار (أن) (مع (لا) الداخلة على المضارع المنصوب بها (في) صورة دخول (اللام) بمعنى (كي) عليها أي : على (أن) لاستكراه اللامين (٤) المتواليين، لام (كي) ولام (لا) نحو قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ)(٥).
واعلم أن (أن) الناصبة تضمر في غير المواضع المذكورة كثيرا من غير عمل لضعفها نحو قولهم : (تسمع (٦) بالمعيديّ (٧).
__________________
(١) يعني وأما وجه عدم جواز إظهارها بعد هذه العواطف الثلاثة.
(٢) حتى عد بعضهم من النواصب لعدم التخلف في النصب. (محرم).
(٣) حتى لا يجتمع العاملان الناصبان أحدهما أن المقدرة والآخر أعد هذه الحروف التي توهمت عاملة. (تكملة).
(٤) أي : المتحركين وقوله : فلا والله لا يلغي لما بي ولا لما بكم أبدا شفاء. (شاذ حكيم).
(٥) أصله : لأن لا يعلم ، أدغمت النون في اللام لقرب مخرجهما وسكون النون. (محرم).
(٦) بتقدير : أن تسمع لأن تسمع ، مبتدأ أو الفعل لا يقع مبتدأ ما لم يؤول بأن المصدرية. (المحرره).
ـ فتضمر أن في تسمع من غير عمل فيجعله في تقدير إسماعك. (لمحرره).
(٧) قيل : المعيدي كان علما لابن حمزة الحكيم ولما مات الحكيم وصف ابنه عند السلطان بأنه طبيب ضرير طاهر فأمر السلطان أن يحضروه فلما جاء وأحضروا عند السلطان وكان صغير الجثة كريه المنظر قال السلطان تسمع بالمعيدي خير من أن تراه قال المعيدي : المرء بأصغريه يعني :القلب واللسان فأعجب السلطان. (سيد شريف).
ـ وأصله أن المنذر قد سمع المعيدي وأعجب ما يبلغه من فصاحته وبلاغته وعلمه وكماله فأراد زيارته فلما رآه استحقره لقصر قامته وقبح وجهه وأعضائه وقال تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فقال المعيدي جوابا للمنذر : إن الرجال ليس بجزر إنما المرء بأصغريه بلسانه وقلبه ، إن قال قال بلسانه وإن تفكر تفكر بجنانه فأعجب المنذر كلامه. (سيد عبد الله).