الاستقبال ، فاستغنوا فيه عن الرابطة ، كقولك (إن أكرمتني أكرمتك ، وإن أكرمتني لم أكرمك).
وإنما قال (بغير قد) ليخرج عنه الماضي المحقق الذي لا يستقيم أن يكون للشرط تأثير فيه كقولك : (إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس) لوجوب دخول الفاء فيه.
(وإن كان) أي : الجزاء (مضارعا (١) مثبتا أو منفيا ب : (لا) (٢) احترازا عما إذا كان منفيا ب : (لم فإنه مندرج فيما سبق ، لكونه ماضيا معنى ، أو ب : (لن) حيث يجب فيه الفاء لعدم تأثير أداة الشرط فيه (٣) معنى.
(فالوجهان) الإتيان (٤) بالفاء وتركها (٥) ؛ لأن أداة الشرط لم تؤثر في تغيير معناه كما تؤثر في الماضي فيؤتى بالفاء ، وأثرت في تغيير المعنى حيث خلصت لمعنى الاستقبال (٦) ، فيترك الفاء لوجود التأثير من وجه وإن لم يكن قويا ، نحو قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) و (مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ.)
__________________
ـ ضربت ضربت فظاهر وأما في إن خرجت لم أخرج فلأن الجزم لم لا بأن لقربه وسبقه معنى ؛ لأن إن دخل على لم أخرج لا على أخرج حتى يكون سابقا في الطلب ويتصور فيه التنازع. (عصام).
(١) قوله : (وإن كان مضارعا مثبتا) ينبغي أن يقيد بغير المجزوم بلام الأمر ، نحو : إن تكرم زيدا فليكرمك ؛ لأنه يلزمه الفاء لعدم تأثير حرف الشرط فيه معنى لكونه مستقبلا بلام الأمر وبغير الدعاء والتمني فإنهما مستقبلان تحقيقا قبل دخول أن فلا تأثير له فيها معنى وكذا الاستفهام على ما سيجيء. (عصام).
ـ قوله : (مضارعا مثبتا) قيل : في إطلاقه نظر ، حيث يمتنع ترك الفاء في المضارع بالسين وسوف ولام الأمر والجواب أن الإطلاق قد يكون قرينة على اعتبار قيد التجرد فالمعنى إن كان مضارعا مثبتا فقط مجردا عن دخول شيء من الحروف وحينئذ تدخل الصور المذكورة في قوله : وإلا فالفاء. (سيالكوني).
(٢) مثال : دخول الفاء في المضارع المنفي بلا كقوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً)[الجن : ١٣]. (أمير).
(٣) تقوله : (معنى) قيد به ؛ لأنه المناط لترك الفاء وإيراده. (حكيم).
(٤) مثل : إن قمت فيقوم أي : فهو يقوم من حيث أنه جعل خبر مبتدأ محذوف فلم يؤثر فيه حرف الشرط. (وافية).
(٥) مثل : إن قمت يقوم من حيث أنه لم يجعل خبر مبتدأ بل جواب الشرط وهو أولى ؛ لأن عدم الحذف أولى من الحذف. (وافية).
(٦) لأن المضارع المثبت والمنفي بلا كان محتملا للمحال والاستقبال قبل دخول الأداة. (سيالكوني).