قيل : (زيد عمرو ضاربه) التبس على السامع أن الضارب (زيد أو عمر) بل المتبادر أنه (عمرو) لأنه أقرب إلى الضمير المستتر بخلاف ما إذا قيل : ضاربه هو ، فإنه لما (١) انفصل الضمير على خلاف الظاهر يعلم أن مرجعه ما هو بخلاف الظاهر ، وهو (زيد) وإلا لا حاجة إليه.
وإذا وقع الالتباس بدون الانفصال في بعض الصور حمل عليه ما لا التباس فيه لاطراد الباب.
وإنما قال : (من هي له) لا (ما هي له) كما هو الظاهر ليكون أشمل (٢) ، اقتصارا(٣) على ما هو الأصل (مثل إياك ضربت) مثال لتقديم الضمير على العامل.
و (ما ضربك (٤) إلا أنا) مثال الفصل لغرض وهو التخصيص هاهنا.
(و (إياك والشر) (٥) مثال لحذف العامل أي : اتق (٦) نفسك والشر.
__________________
(١) قوله : (فإنه لما انفصل ... إلخ) يعني عن الذي هو الاتصال إلى خلاف الظاهر تنبيها على أن المراد به خلاف الظاهر وإلا فلا حاجة إلى العدول والظاهر لا يعدل عن الظاهر إلا لنكتة.
(٢) لأن كلمة ما يجيء للعقلاء وغير العقلاء بخلاف كلمة من فإنها مختصة بالعقلاء فيكون أشمل.
(٣) قوله : (اقتصارا على ما هو الأصل) وهو العاقل لشرفه وجعل غيره تابعا له. (وجيه الدين).
(٤) قوله : (وما ضربك إلا أنا) هذا مثال ما إذ أريد حصر الفعل على الفاعل المضمر بالا وأما إذا أريد ذلك بإنما يجب الانفصال مع وجود تأخره أيضا إذا ذكر شيء من المتعلقات ولا لزم اللبس وأما إذا لم يذكر فيحتمل الوجوب طردا للباب ويحتمل عدم الوجوب ؛ إذ يجوز حيث لا فصل لفظا كذا قال الشريف المرتضي. (حواشي هندي).
(٥) قوله : (وإياك والشر) أي : اتق نفسك من الشر والشر من نفسك وإنما وجب حذف العامل بضيق المقام فاستغنى عن ذكر النفس لعدم الموجب وهو اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لواحد ولكونه من باب التحذير كما تقدم تعذر اتصاله فانفصل لذلك.
(٦) لا يخفى أنه لا يصح تقدير اتق في هذا المثال من حيث المعنى ولذا صرح الشارح في بحث التحذير بأن تقديره في أول النوعين من التحذير غير صحيح فتقدير اتق هاهنا من تصريحه بعدم صحته فيما سبق مبني على التبعية لما نعلم من عبارة المصنف في التحذير معمول بتقدير اتق ثم لا يخفى أن المفهوم من تعليل الشيء لقول المصنف أو بالحذف هو أن العامل إذا لم يحذف لوجب الاتصال وأنت خبير بأنه إذا قدر العامل في هذا المثال لا يمكن الاتصال. (حاشية).