(وقسم لا يجوز) تقديم أخبارها (١) عليها (وهو) أي : هذا القسم (ما في أوله) كلمة (ما) نافية كانت أو مصدرية.
أما إذا كانت نافية فلا متناع تقديم ما في حيز النفي ؛ لأنه يقتضي التصدر ، وأما إذا كانت مصدرية فلا متناع تقديم معمول المصدر على نفس المصدر. ويخالف (٢) هذا الحكم (خلافا) ثابتا (لابن كيسان) (٣) بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه ، لا من انب الجمهور ، كما يقتضيه باب المفاعلة لتقدمهم فكأنه (٤) لا مخالفة منهم.
وذلك الخلاف منه (في غير ما دام) لأن أداة النفي لما دخلت على الفعل الذي معناه النفي أفادت الثبوت ، فصار بمنزلة (كان) فلا يلزم تقديم ما في حيز النفي ، بحسب المعنى (٥).
(وقسم مختلف فيه) ظهر فيه الخلاف من الجمهور من بعضهم مع بعض فإن الافتعال (٦) هاهنا بمعنى التفاعل المقتضى لمشاركة أمرين في أصل الفعل.
__________________
(١) فالمراد منه الأفعال الخمسة المذكورة سابقا عبر عنها بهذه العبارة اختصارا لأن كل ما دخله ما مثل ما كان وما سار.
(٢) قدر الفعل العامل مع الواو إشارة إلى أن المحذوف جملة مستأنفة وليس حالا لعدم صحته لفظا ومعنى ؛ لأن الواو مقدرة ؛ إذ لا دليل عليه. (حكيم).
ـ ولما كان هذا الحكم متفقا عليه للجمهور ولم يخالفهم إلا ابن كيسان أراد المصنف أن يذكر ذلك الخلاف وقدر الشارح إشارة إلى أنه مفعول مطلق. (أيوبي).
(٣) لأنها للمشاركة فيكون كل من الفاعل والمفعول شريكا في أصل الفعل. (وجيه).
(٤) قوله : (فكأنه لا مخالفة منهم) ولا يتحقق التخالف المقتضى للمشاركة في أصل الفعل صريحا فلا يندرج القسم الثاني في القسم الثالث. (محشي).
(٥) وإن كان لازما من حيث الصورة والموجب للصدارة تغيير المعنى والحق أنه اعتبر نسبة الفعل ولا إلى الجملة ثم اعتبر النفي كان النفي الذي هو مدلول ما متوجها إلى الجملة فلا يجوز التقديم وإن اعتبر نسبة النفي إلى الفعل ولأثم اعتبر بعد الصيرورة مثبتا نسبة إلى الجملة لم تكن الجملة معمولة النفي فيجوز التقديم والظاهر هو الثاني ؛ لأن صيرورة ناقص. (حاشية).
(٦) قوله : (فإن الافتعال) دليل لدلالة هذا اللفظ ودفع لما قيل : إن هذا اللفظ من باب الافتعال فلا دلالة على المشاركة فكيف يدل على الخلاف المشترك فيما بينهم فكأنه أجاب عنه بأن الافتعال وإذا لم يدل على الخلاف ولكنه دل عليه منها. (تكملة).