بأن ذكر التأخير إنما هو للتأكيد لا للتأسيس (١) ، على أن (٢) كل واحد منهما وإن لم ينفصل عن الآخر بالوجود ، لكنه ينفصل عنه بالقصد (٣) ، فكأنه اعتبر القصد.
(ولا) يتصرف فيهما بإيقاع (فصل) بين العامل (٤) والمعمول ، نحو : (ما أحسن في الدار زيدا) و (أكرم اليوم بزيد) لإجرئهما مجرى الأمثال (٥) كما سبق.
(وأجاز المازني الفصل بالظرف) لما سمع عن العرب قولهم : (ما أحسن بالرجل أن يصدق).
وأجاز الأكثرون (٦) الفصل بكلمة (٧) (كان) (ما كان أحسن زيدا).
ومعناه : أنه كان له في الماضي حسن واقع دائم إلا أنه لم يتصل بزمان المتكلم ، بل كان دائما قبله.
(وما) ابتداء) (٨) أي : مبتدأ على أن يكون المصدر بمعنى اسم المفعول ، أو ذو ابتداء بتقدير المضاف.
__________________
ـ قوله : (وأجيب) نقل عن الشارح وأجاب بعضهم فإن يجوزان يكون المراد تقديمه على شيء وتأخيره بالنسبة إلى شيء آخر. (سيالكوني).
(١) فلا يلزم الاستدراك وإنما يلزم لو كان للتأسيس والمقام مقام تأكيد ؛ لأن المخالف واحد تأكد حكم لئلا يذهب إليه أحد. (وجيه الدين).
(٢) قوال (على أن) جواب ثان بعد تسليم كونه للتأسيس وعلى علاوة والسؤال نقض والجواب منع. (لمحرره).
(٣) قد يكون القصد إلى تقدم المعمول وقد يكون إلى تأخير الفعل. (وجيه).
(٤) قوله : (بين المعامل) بقرينة قوله : (بالظرف) وإنما قيد بذلك لما سيأتي أنه أجاز الأكثرون المفصل بكلمة كان بين ما والفعل. (سيالكوني).
(٥) هذا مذهب الجمهور حيث لم يجوزوا ذلك التصرف مطلقا سواء كان في الظرف أو في غيره. (عبد الله أفندي).
(٦) أشار إلى مذهب آخر لم يذكره المصنف وهو قوله : (وأجاز الأكثرون). (أيوبي).
(٧) قوله : (بكلمة كان) فقط وهو زائدة للدلالة على ثبوت الحكم في الزمان الماضي وانقطاعه في الحال كما بينه الشارح. (عبد الحكيم).
(٨) قوله : (وما ابتداء) هذه التقريرات كلها باعتبار الأصل وبعد النقل صار كالعلم لإنشاء التعجب والإعراب بحسب التركيب السابق لما تقرر من أن المنقولات المركبة تبقى على إعرابها الأصلي. (سيالكوني).