وأما كلمة (بل) بعد النفي نحو : (ما جاءني زيد بل عمرو) ففيه خلاف (١).
فذهب بعضهم : إلى أن كلمة (بل) لصرف الحكم المنفي من المعطوف عليه إلى المعطوف أي : بل ما جاءني عمرو والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه.
وبعضهم : إلى أنها تثبت الحكم المنفي عن المعطوف عليه للمعطوف ، والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه أو الحكم منفي عنه.
فمعنى (ما جاءني زيد بل عمرو) بل جاءني عمرو و (زيد) إما في حكم المسكوت عنه أو المجيء منفي عنه.
(ولكن لازمة (٢) للنفي) أي : غير مستعملة بدونه.
فإن كانت لعطف المفرد على المفرد فهي نقيضه (٣) (لا) فتكون لإيجاب ما انتفى عن الأول فتكون لازمة لنفي (٤) الحكم عن الأول ، نحو : (ما قام زيد لكن عمرو) أي : قام عمرو.
وإن كانت لعطف (٥) الجملة على الجملة فهي نظيرة (بل) في مجيئها بعد النفي والإثبات.
__________________
(١) يعني أنها تصرف حكم عدم المجيئية في هذا المثال من زيد إلى عمرو فيكون المقصود نفيه عن عمرو. (تكملة).
(٢) قوله : (ولكن) للاستدراك وهو عبارة عن دفع توهم تولد عن كلام سابق ولذا توسط بين كلامين متغايرين معنى كما ذكر من حروف المشبهة بالفعل وهي أي : لكن في عطف الجملة نظيرة بل وفي عطف المفردات نقيضه لا أي : لإثبات ما لنفي عن الأول يعني إذا عطف بلكن الجملة على الجملة فيجيء لكن بعد النفي والإيجاب كما أن بل يجيء مد النفي والإثبات أيضا مثال ما يجيء لكن بعد الأيجاب قولك : ما جاءني زيد لكن عمرو قد جاء وإذا عطف بلكن المفرد على المفرد فتجيء لكن بعد النفي خاصة بعكس لا فإنها تجيء بعد الإثبات خاصة كقولك رأيت زيد لكن عمرا أي : لكن رأيت عمرا فإن قلت : زيدا لكن عمرا لم يجز. (شرح مغني).
(٣) قوله : (نقيضة) لا في أن ما قبلها يجب أن يكون منفيا وما قبل لا أن يكون في المفرد معنى النفي ؛ لأن حرف النفي إنما يدخل على الجمل فلا بد أن يكون لكن بعد النفي. (سيالكوني).
(٤) أي : الانتقاء عن الأول باق بحاله لم يفتح الحكم به غلط وإنما جيء لدفع التوهم. (عبد الحكيم).
(٥) قوله : (إن كانت) في عطف الجملة فشارة إلى أن الداخلة على الجملة عاطفة وهو ـ