وإنما اعتبروا (١) ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع وإن كان لحوقها للحروف والكلمات الواقعة في أثنائها جائزا بل واقعا كما تشاهد من أصحاب الغناء ؛ لأن محل التغني به إنما هو آخر ، لئلا يختل سلك النظم بتخلله بين كلمات الأبيات والمصاريع ، ولا يخل بفهم المعاني.
وهو إما أن يلحق القافية المطلقة (٢) وهي ما كان رويها متحركا مستتبعا بإشباع حركة واحدا من الألف والواو والياء.
وسميت هذه الحروف حروف الإطلاق ؛ لإطلاق الصوت بامتدادها.
ولحوق النون بهذه القافية إنما يكون بإبدال حروف الإطلاق به ، كما في قول الشاعر:
أقلي اللوم (٣) ـ عاذل ـ والعتابن |
|
وقول ي إن أصبت لقد أصابن (٤) |
فروى هذا البيت الباء وحصل بإشباع فتحها الألف وعوض عن الألف عند التغني نون الترنم.
__________________
(١) قوله : (وإنما اعتبروا) يعني أن محل ترد يد الصوت في الخيشوم هو الآخر فلذا اعتبروا اللحوق بالآخر. (سيالكوني).
(٢) قوله : (اتفاقية المطلقة) القافية عند الخليل مد آخر حروف البيت إلى أول ساكن يليه مع الحركة التي قبل ذلك الساكن وروى عنه أيضا أن المتحرك قبل ذلك الساكن هو أول القافية مشتقة من القفو وهو التبعية ؛ لأن القفو أن يجيء بعضها أثر بعض والروي هو الحروف الذي تبني عليه القصيدة وتنسب إليه فيقال قصيدة لامية أو نونية مثلا من رويت الحبل إذا قتلته أو رويت البعير إذا اشتددت عليه الرداء وهو الحبل الذي تجمع به الأحمال أو من الري ؛ لأن البيت يروى عند فيقطع. (حكيم).
(٣) والبيت لجرير أراد يا عاذلة أقلى لومك وعنا بك على أفعله وتأملي فيما أفعله وفقولي لقد أصاب جرير فيما فعل وانصفي ولا تكابري وفيه أن عاذلته على الخطأ فيما تقول. (سيالكوني).
ـ اللوم بفتح اللام وسكون الواو والعذل بفتح العين وسكون الذال المعجمة والعتاب بالكسر كلها إظهار العداوة مع إضمار العداوة. (لغة).
ـ والمعنى أقلى لومك وعتابك على ما افعله وتأمل فيه فإن كنت معيبا فصف بيني. (وجيه).
(٤) مفعول قولي والشرط متحلل في أجزاء ما دل على الجزاء. (ك).