وذلك لأنه قد خففت (إنّ) و (أنّ) لثقلهما بالتشديد الواقع فيهما وبعد تخفيفهما وجدوا (إنّ) المكسورة المخففة عاملة في الملفوظ كنا قال الله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] ولم يجدوا (أن) المفتوحة المخففة عاملة في الملفوظ مع أنّ (أنّ) المفتوحة أقوى شبها بالفعل من المكسورة ، فهي أجدر بالعمل.
فإذا لم يجدوها عاملة في الملفوظ قدّروا عملها في ضمير الشأن لئلا يزيد المكسور عليها عملا من أنه أجدر به ولم يجوزوا إظهار ذلك الضمير ، لئلا يفوت التخفيف المطلوب هاهنا، كما يدل عليه حذف النون وحكموا بلزوم حذف ضمير الشأن مع (أن) المفتوحة إذا خففت.
(أسماء (١) الإشارة)
أي : أسماء الإشارة المعدودة (٢) في المبنيات بحسب الاصطلاح (ما وضع) أي : أسماء (٣) وضع كل واحد (٤) منها (لمشار إليه) أي : لمعنى مشار إليه إشارة حسية (٥) بالجوارح والأعضاء ؛ لأن الإشارة عند إطلاقها حقيقة في الإشارة الحسية. فلا يرد ضمير الغائب وأمثاله ، فإنها (٦) للإشارة إلى معانيها إشارة ذهنية لا حسية (٧) ، ومثل (٨) :
__________________
(١) لما فرغ عن بيان أحد أنواع المبني شرع في نوعه الثاني فقال (أسماء الإشارة). (عافية).
(٢) فسر أسماء الإشارة بأسماء المعدودة في المبنيات بحسب الاصطلاح دفعا للدور والمصرح ؛ لأنه أدخل قوله : (مشار إليه) في تعريف اسم الإشارة ، فالمراد باسم الإشارة الاصطلاحي وبقوله : (مشار إليه) معناه اللغوي فاندفع ذلك المحذور.
(٣) إنما فسر بقوله : (أي : أسماء) ليطابق أسماء الإشارة ، وقال : وضع كل واحدة ليطابق قوله المصنف المشار إليه حيث لم يقل : لمشار. (اليهي).
(٤) أشار به إلى أن التعريف للمفهوم المتحقق في كل فرد لا للأفراد وإلى وجه تذكير الفعل.
(٥) قوله : (إشارة حسية) هي مخيل امتداد واصل بين المخيل وما يصير غاية الامتداد وهي لا يكون إلا إلى محسوس مشاهد. (غفور).
(٦) فإن الضمائر ليست موضوعة للمعنى المشار إليه بالإشارة الحسية. (أيوبي).
(٧) فإنا إذا قلنا : زيد هو قائم فهو موضوع للإشارة إلى زيد لا وجود في الذهن لا إلى زيد الموجود الحاضر المحسوس المشاهد. (عبد الله أفندي).
(٨) جواب سؤال مقدر تقديره أن قولك : اسم الإشارة ما وضع لمشار إليه إشارة حسية متفوض بمثل ذلكم الله ربكم فإن ذا هاهنا للإشارة إلى الله والإشارة إلى الله لا يكون حسية بل ذهنية ؛ لأنها ـ