وأما غير منقولة بل باقية على ما كانت عليه حين كونها أصواتا ساذجة ولم تصر مصادر وإلا أسماء أفعال وهي على أنواع.
فمنها : ما يعرض للإنسان عند عروض معنى له ، كقول المتندم (١) أو المتعجب (وي) وحينئذ (٢) لا يقدر (٣) أن يحكم عليه بشيء أو به على شيء.
ومنها : ما يجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية بأن يصدر من نفسه ما يشابه صوت شيء كما إذا قلت : (غاق) قاصدا لإصدار ما يشابه صوت الغراب عن نفسك وحينئذ (٤) أيضا لا يقدر أن يحكم عليه أو به.
ومنها ما يصوت به لأجل حيوان إما لزجر أو دعاء أو غير ذلك كما إذا قلت : (نخ) لا ناخة البعير وحينئذ أيضا أن يحكم عليه أو به.
وهذه الأقسام كلها مبنيات ؛ لانتفاء التركيب فيها ، وإذا تلفظ بها على سبيل الحكاية. كما إذا قلت : (قال زيد عند التعجب وي ، (٥) أو عند اناخة البعير (نح) أو غاق عند حكاية صوت الغراب.
فهي في هذه الحالة أيضا (٦) مبنية لكن لا من حيث أنها أصوات بل من حيث أنها حكاية عنها.
__________________
(١) تعرض له الندامة وأراد إظهارها أو المتعجب أي : من يعرض له إدراك أمر غريب وينشأ منه التعجب فأراد إظهارها.
(٢) قوله : (وحينئذ لا تقدر أن تحكم عليه وبه) لأن وضعه على إظهار الندم أو التعجب أو الوجع كما في أخ وكذا وضع عاق على حكاية لا غير ووضع نخ ونحوه لأسماء هذا الصوت مجرى العادة بإناخته عنده فلم يحتج باعتبار المعنى الذي وضعت له إلى جزء آخر مركب معه حتى يحكم عليه أو به فإن وقع شيء مركب من هذا الباب. (وجيه الدين).
(٣) لأن وضعه لإظهار الندم أو التعجب أو الوجع كما في أخ فلم يحتج باعتبار المعنى الذي وضع له إلى جزء آخر يركب معه حتى يحكم عليه أو به.
(٤) أي : حين تجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية أي : المشابهة.
(٥) وهي كلمة تعجب نقول ويك ووي لزيد وتدخل على كان المخففة والمشددة ووي يكنى بها الويل وقوله تعالى: (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ)[القصص : ٨٢] زعم سيبويه أنها وي مفصولة من كأن ، وقيل : معناه الم ترو ، قيل : اعلم ، وقيل : ويلك. (قاموس).
(٦) وتصلح أن تكون محكوما عليها وبها ؛ لأنها أسماء ، واعلم أن كل كلمة يتلفظ بها على سبيل الحكاية فهو مبنية.