وما قالوا : من أن الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فإنه بيان والبيان فرع المبين ، فيكون المقصود هو الأول.
فالجواب (١) : أنا لا نسلم أن المقصود في بدل الكل هو الثاني فقط ، ولا في سائر الأبدال ، إلا الغلط (٢).
وقال بعض المحققين في جوابه : الظاهر أنهم لم يردوا أنه ليس مقصودا بالنسبة أصلا بل أرادوا أنه ليس مقصودا أصليا.
والحاصل أن مثل : قولك : (جاءني زيد أخوك) أن قصدت فيه الإسناد إلى الأول، وجئت بالثاني تتمة له وتوضيحا ، فالثاني عطف بيان ، وإن قصدت فيه الإسناد إلى الثاني(٣)، وجئت بالأول توطئة له مبالغة في الإسناد فالثاني (٤) بدل ، وحينئذ يكون التوضيح الحاصل به مقصودا تبعا ، والمقصود أصالة هو الإسناد إليه بعد التوطئة ، فالفرق ظاهر.
(والثاني) أي بدل البعض (٥) (جزؤه) أي : جزء المبدل منه نحو : (ضربت زيدا رأسه).
(والثالث) أي : بدل الاشتمال (بينه وبين الأول) أي : المبدل منه (ملابسة)(٦)
__________________
(١) الجملة في محل الرفع على أنها خبر المبتدأ ، فإن قيل : لم دخل الفاء في قوله : فالجواب؟ قلت : إن كان المبتدأ موصولا وصلته فعلا يجوز دخول الفاء في خبره ، وهنا كذلك؟ (لمحرره).
(٢) وحاصل ما قالوا في بيان الفرق ادعاء انحصار القصد في الثاني وحاصل الجواب منع ذلك الإنحصار في غير بدل الغلط ومنه وقع الاشتباه الذي ذكره الرضي فإنه ينحصر المقصود في الثاني فإنهما يشتركان. (حاشية).
(٣) قوله : (إن قصدت إلى الثاني) وجعلته مناط الحكم فكأنك قلت : جاءني زيد مع قطع النظر عن أن يكون أخاك ، وإذا قلت : أكرمت زيدا أخاك فكأنك قصدت بذلك المن على المخاطب وأردت أن الإكرام وقع عليه من حيث أن أخوك وهذه الفائدة منتفية في عطف البيان. (غفور).
(٤) فيفيد ما يفيده التأكيد من تقويه الحكم وما يفيده عطف البيان من الإيضاح وبتميزه عنهما بتعدد الاسناد إلى التابع والمتبوع. (قدمي رحمهالله).
(٥) ولا بد في بدل البعض الاشتمال إذا كانا ظاهرين من ضمير راجع إلى المبدل منه حتى يعرف تعلقهما بالأول وأنهما ليسا ببدل الغلط بل يجوز ترك الضمير إذا اشتهر تعلق الثاني بالأول. (شيخ الرضي).
(٦) فاعل الظروف لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ مؤخر والظرف خبر مقدم واسم يكون المقدر تقديره أن يكون بين الأول والثاني ملابسة. (تكملة).