حق قرارها على أنفسهم في حياتهم وعلى ذرياتهم من بعد مماتهم.
هذا رأي نبديه من الوجهة الفقهية النظرية ، ولا نفتي ولا نقضي به من الوجهة الشرعية العملية ، وإن كان مناطه المصلحة العامة التي ترمي إليها الشريعة السمحة الواسعة ما لم تتفق عليه كلمة أهل الحل والعقد من علماء الشريعة الإسلامية ، لأن الفرد يخطئ ويصيب. لكن الذي نقطع بإجحافه من الوجهة القانونية هو مصادرة حق قرار الأرض من المتصرف بها بمجرد تعطيلها ثلاث سنوات عن الحرث والزرع بدون معذرة شرعية ، لأن المتصرف بالمنفعة لم يملكها إلا بأسباب شرعية ، وكل ما يملك بسبب شرعي لا يجوز نزعه من مالكه إلا بأسباب شرعية.
ضروب الحيل وانتهاك حرمة الأوقاف :
الناس محتاجون بسائق الاضطرار إلى البيع والابتياع والمقايضة والمقاسمة ، ما دام الإنسان مدنيا بالطبع ، مضطرا إلى التعامل بالتبادل الذي هو محور دائرة المنفعة الاقتصادية ، وهي دعامة العمران. وقد أورث تهافت السلف على الوقف اصطدام سكونه المؤبد بحركة التعامل الاقتصادي الضروري الاستمرار لأن التصرف بالعقارات الموقوفة بيعا أو شراء ممنوع شرعا ، وبواعث العمران والاقتصاد تقتضي هذا التصرف طبعا ، درءا لخطر الآفات الاجتماعية ، والأزمات الاقتصادية.
ولذا اخترعوا ـ والحاجة أم الاختراع ـ انتزاعا على ما يقولون من قواعد الإمام أحمد بن حنبل ، ما يدعى في الديار الشامية بالمرصد. وهو الدين الذي على ذمة العقار الموقوف أو الاستيفاء من أجرته بعد استيفاء المتولي عليه مقدارا ماليا معجلا من المستأجر يسمى «خدمة» ، وفرض مقدار مؤجل عليه يستوفى منه مسانهة يسمى دينا مؤجلا ، بشرط أن يكون المستأجر على الموقوف لعمارته أو ترميمه دينا بذمة شخصه ، فاذا أيسر فللمتولي أن يؤدي إلى صاحب المرصد ما كان له على رقبة الوقف ليعيدها إلى جهته طوعا أو كرها. ومرمى هذا المخرج ومغزاه تحرير العقارات الموقوفة بالجملة بمنح التصرف بها بيعا وشراء مراعاة للمصلحة الاقتصادية ، مع تقدير مرتب مقابل