ملكه أو أن يكون بعضه ملكه ، والآخر ملك جهة الوقف على سبيل التابعية للأرض بعد أن يؤدي إلى المتكلم على الوقف مقدارا معجلا يسمى أيضا خدمة ، ويتعهد بمقدار مؤجل يؤدى مسانهة يسمى أيضا أجرة أو دينا مؤجلا ـ هذا ملخص ما نص عليه المتفقهة المتأخرون.
مصائب الأوقاف :
إن غلو الواقفين بالتهافت على الوقف ، واتخاذ الظلمة المتجرين بالدين الوقف دريئة لصيانة أموالهم المغصوبة من المصادرة ، وتحريج أئمة الحرج الذين سماهم بذلك الرسولصلىاللهعليهوسلم ، وهم المتفقهة المتنطعون ، وتشديدهم على الناس أو تضييقهم ما وسع الله تعالى على عباده ، وتساهل متفقهة السوء بابتداع حيل الأوقاف لإفعام جيوبهم ، وإشباع بطونهم النهمة التي لا تشبع بالقليل لأنهم يأكلون بسبعة أمعاء ـ كل ذلك كان من أعظم البواعث على إضاعة الأوقاف الإسلامية في الشام ، لأن إغراق الأسلاف المتقدمين بالتهافت على الوقف ، ضيق على الذين يلونهم من الأخلاف المتأخرين سعة الأرض الحرة بالحبس عن التصرف بيعا أو ابتياعا أو مقايضة أو مقاسمة إلى آخر ما هنالك من ضروب التصرف المدني. على حين مبنى الشرائع الإلهية كما قال ابن القيم على الحكم والمصالح ، وكلها رحمة وحكمة ، ومصلحة وعدل ، وكل قضية خرجت عن الرحمة إلى النقمة ، وعن الحكمة إلى العبث ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن العدل إلى الظلم ، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل. وأرى أن كل ما كان كذلك فهو من الشرع المبدّل.
أضاع هؤلاء الجامدون حكمة الوقف ومصلحته ، وحالوا دون نمو ريع العقارات الموقوفة كحرصهم على شرط الواقف وصفته ، ولو اقتضت منفعة الوقف التغيير والتبديل. وقد نجم عن التهافت على الوقف غلو في الدين أو اتجار به ، وعن تشديد المتفقهة على الناس ابتداع الحيل التي أودت بالأوقاف ، فطفق الناس يتملكون العقارات الموقوفة تملكا محضا ، وإن ظلت عليه شية من مسحة الوقف باسم الحكر أو القيمة أو القميص ونحوها من الحيل الكردارية التي جرأت الظلمة فيما بعد على اختلاس المساجد والمدارس والمقابر مباشرة