الأوقاف بعد العهد التركي :
وفي عهد الحكومة العربية الفيصلية ألف ديوان الأوقاف تأليفا جديدا ، ولم تلبث أن فاضت واردات الأوقاف عن نفقاتها لأن المبالغ الباهظة التي كانت ترسل إلى العاصمة التركية ظلت في خزانة الدائرة التي شرعت توسع على أرباب الشعائر وتحدث كثيرا من الوظائف. وأخذت ترمم المساجد والمدارس والأعيان الموقوفة وتنشئ المعاهد كالمدرسة السيمساطية بدمشق التي نقضت من أساسها وأنشئت خلقا جديدا ـ ومثل ذلك الإصلاح الذي تم في ترميم الأعيان الموقوفة أو إنشاء الجديد منها في حلب وغيرها ـ حتى إذا تقلص ظل سلطان الملك فيصل واحتلت الجيوش الفرنسية داخلية الشام أصيب ديوان الأوقاف بتبلبل مالي ، وذلك لاستبدال الورقة السورية بالمصرية ، واتخاذ القرش السوري محور التعامل وحظر التبادل بالنقدين الذهب والفضة قبضا وصرفا ، في حين أن الورقة السورية كميزان الحرارة لا تثبت على حالة واحدة في اليوم الواحد ، فارتبكت معاملات دواوين الأوقاف بهذا التبلبل وزاد في نضوب خزائنها ، على الرغم مما زاده القائمون بإدارة شؤونها من زيادة الضمائم الفاحشة على الديون المؤجلة.
وقضت إرادة المفوض السامي الأول أن يتدخل المنتدبون في الشؤون الإسلامية المحضة، وذلك بالإشراف على أوقاف المسلمين دون أوقاف اليهود والنصارى ، في حين أن الدولة العثمانية الإسلامية لم تتدخل بشؤون أوقاف اليهود والنصارى المنضوين تحت لوائها ، سواء أكان ذلك إبان قوتها ، أم أيام ضعفها ، وتركت إدارتها إلى المجالس الطائفية ، كما أن الدولة البريطانية لم تتدخل في مصر بشؤون الأوقاف الإسلامية فاستثنت وزارة الأوقاف المصرية من سيطرة الاستشارة وسلطة المستشارين ، وتركتها مناطة بشخص عزيز مصر مباشرة. وقد نهجت أيضا هذا النهج في فلسطين فتركت إدارة أوقاف المسلمين وجميع شؤونهم الدينية كتقليد القضاء الشرعي والفتيا والوعظ والإرشاد والخطابة والإمامة إلى مجلس ينتخب أعضاءه المسلمون يدعى بالمجلس الإسلامي الأعلى. أما في الأصقاع المشمولة بالانتداب الفرنسي فقد أنشئت المراقبة العامة على