شكل مبتدع بين الأشكال الحكومية ، ووضع غريب غير معهود بين الأوضاع الإدارية. وكذلك يقال في مجلس الأوقاف الإسلامية الذي قضت المفوضية بتأليفه ، ففصلت بذلك دواوين الأوقاف الإسلامية عن الحكومات المسلمة الأهلية ، ووصلتها مباشرة بالمفوضية العليا، وجعلت لها مستشارا غير مسلم يتصرف في شؤونها الإدارية والمالية بسلطة واسعة. وكان من إحداث مراقبة الأوقاف إرهاق خزائنها بالرواتب المستحدثة العظيمة ، ولم تأت بعمل يذكر مجاراة لمقتضيات الترقي الحديث استنادا إلى قواعد الشريعة العامة التي يحظرون الاستنباط منها ، ذلك لأن معظم أعضاء مجلس الأوقاف من أعداء التجدد ، وعشاق الاحتفاظ بالقديم وإبقائه على قدمه ، فقد نقضوا قرار مجلس رياسة العلماء المنطوي على ضرورة التذرع باستبدال المساجد الخربة التي لم تعد صالحة لإقامة الصلوات مع استناده إلى مذهب الإمام ابن حنبل بالشروط المنصوص عليها.
وسائل إصلاح الأوقاف :
ضيق بعض متفقهة القرون الوسطى دائرة الشريعة الواسعة ، وقلبوا يسرها عسرا ، ومرونتها صلابة ، وصوروها عقبة كؤودا في سبيل الارتقاء ، بما ابتدعوه من القيود المنبعثة عن الجمود ، وبما أقاموه من السدود المنيعة دون دخول منافذ ينابيع العلم ، وما سدلوه من الحجب الكثيفة على نوافذ نور العقل. احتال فريق منهم على الشريعة فاختلقوا باسمها حيلا تقلبها رأسا على عقب ، انقيادا لا هواء العلماء والأغنياء ، بسائق الجشع وحب الجاه ، وافتاتوا على دين الفطرة بحشو أودس ما تنبو عنه حكمته وأصوله وفروعه التي ترمي جميعها إلى السعادة البشرية في الدارين. فقد قيد المتنطعون بالتحريف والتشديد الوقف بقيود وشروط وحدود ، حالت دون ارتقاء الأوقاف وعمرانها ونمو ثروتها ، وقضت على حكمة الوقف وإرادة الواقفين ، كما ابتدع المحتالون حيلا نجم عنها ضياع الأوقاف كالمرصد وضروب الكردار، حتى آل حال الأوقاف إلى ما آل من المصير الفاجع.
وبعد فالواجب الآن على أهل الحل والعقد تأليف لجنة مختلطة من علماء