والكشف عن أمورهم ومصالحهم ، وبياعاتهم ومأكولهم ومشروبهم وملبوسهم ومساكنهم وطرقاتهم ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.
وكانت الحسبة (المقتبس م ٣ ص ٥٣٧ و ٦٠٩) في الحكومات العربية وحكومات الطوائف ضربا من ضروب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا يكون من تسند إليه إلا من وجوه المسلمين ، وأعيان المعدلين ، ولا يحال بين المحتسب وبين مصلحته إذا رآها ، والولاة تشد معه إذا احتاج إلى ذلك. وقد قسمت الحسبة إلى ثلاثة أقسام : أحدها ما يتعلق بحقوق الله تعالى ، والثاني ما يتعلق بحقوق الآدميين ، والثالث ما يكون مشتركا بينهما. ويمكن أن تقسم الحسبة إلى دينية ومدنية ، فالديني منها بطل من ديار الإسلام منذ أصبحت حكوماتها لا تحافظ على جوهر الدين بالذات. والمدنية استعيض عنها في القرن الماضي في الولايات العثمانية بالمجالس البلدية ، وبقيت الحسبة معروفة في مصر إلى أواسط القرن الغابر. ومصر آخر ما اضمحل من أقطار العرب وأول من نهض.
الحسبة تجمع الشرطة والصحة والبلدية وعملها :
فالحسبة والحالة هذه أشبه بديوان الشرطة والصحة والبلديات لعهدنا ، وكان المحتسب أو صاحب الحسبة يشرف على المعاملات المنكرة في الدين ، ويجازي عليها في الحال ، فينكر ما يجده مثلا من المنكرات في الأسواق ، ويشدد على السوقة والباعة في صحة القناطير والأرطال والمثاقيل والدراهم والموازين والمكاييل والأذرع ، ويجري قواعد الحسبة على الطحانين والعلافين والفرانين والخبازين والشوائين والنقانقيين (١) والكبوديين والبواريين والجزاريين والرواسين والطباخين والشرايحيين والهراسين وقلائي السمك والزلابية والحلاويين والشرابيين والعطارين والشماعين واللبانين والبزازين والدلالين والحاكة والخياطين والرفائين والقصارين والحريريين والصباغين والقطانين والكتانيين والصيارف والصاغة والنحاسين والحدادين والأساكفة والبياطرة وسماسرة العبيد والجواري والدواب والدور والحمامات ، والسدارين (٢) والفصادين
__________________
(١) النقانقيون : هم الذين يعملون النقانق اي المصير المحشو باللحم والقلوب.
(٢) السدارون : الذين يطحنون السدر وهو من المطهرات كالصابون إذا غش يضر ولا ينفع.