ومن ذلك إحداث المجاري للمياه القذرة وتنظيمها بدرجة تمنع اختلاطها بالمياه الصالحة للشرب. وهذا العمل من أعظم الأعمال المفيدة التي أدخلتها البلدية في برامج إصلاح المدينة ، وصيانة الصحة العامة من الأمراض السارية ، ويليه جر المياه من عين الفيجة بقساطل مستورة لتسلم من جراثيم الأمراض. وإحداث البنايات والأسواق على النمط الجديد مما زاد في رونق المدينة وبهائها ، ووضع الخرائط والمصورات التي قيدت أرباب المساكن والبيوت بإنشائها وفقا للفن والهندسة ، وتوسيع الأزقة تدريجيا ومنع البناء بغير الحجر والآجر. ومنها : إنارة الأزقة والشوارع والساحات العامة وتسهيل المرور ليلا ، ورفع المحاذير التي يكثر حدوثها تحت ستار الظلام كالسرقات وغيرها. ولا يزال التنوير مفقودا في بعض الأزقة ولا سيما الضيقة منها. ومنها إيجاد وسائط للنقل في المدينة مثل قاطرات الترام ، فإنها سهلت انتقال السكان من أقصى المدينة إلى أقصاها بالسرعة المعتدلة وبأجور خفيفة ، ووفرت عليهم الوقت أيضا. ومن ذلك إنشاء المستشفى العام ومدرسة الصناعة ودار الأيتام والعجزة وغير ذلك من المعاهد النافعة التي زادت في تحسين حالة البلدة من الوجهة الصحية والأخلاقية والعمرانية. ذكرنا أمهات المنافع والفوائد العامة التي حصلت في المدينة بتأثير البلدية ، وهناك فوائد أخرى أيضا لا تخفى على ذوي الألباب.
رأي في إصلاح البلدة :
إن قوانين البلدية وأنظمتها التي وضعت في زمن الأتراك ، واستمر العمل بها مع تعديل وتغيير في بعض موادها بحسب الأحوال ، وافية بالحاجة لإدارة الشؤون. ولذلك أرى أن إصلاح البلديات يجب أن يقوم على أساسين متينين يكفيان لتشييد بنيانه : توفير دخلها وحسن جبايته ، وإنفاقه في سبيل ترقيتها وتزيينها.
ودخل البلدية الآن في دمشق مثلا وافر لا يستهان به ، وكل بلدة في الشام ولا سيما أمهات مدنها قد زادت مع الزمن وارداتها. وبعض البلديات لا تقوم مداخيلها بنفقاتها المتنوعة من فتح الجادات وتعمير الطرق وتوسيعها ويكفي ريع الفضلات الحادثة من فتح الشوارع وتوسيع الطرق لتأدية بدلات