الترع والمرافىء والطرق (١)
ترعة السويس :
يتناول موضوعنا المرافئ والخطوط الحديدية والكهربائية والطرق المعبدة ، ولما كان افتتاح ترعة السويس بين البحر الأحمر والبحر المتوسط من أعظم العوامل التي أثرت تأثيرا كبيرا في سير المواصلات البحرية ، وتقريب المسافات الشاسعة بين الشام والبلاد الشرقية الأخرى كفارس والهند والصين ، وخصوصا بين الشام وأمها جزيرة العرب وسهولة نقل الحجاج إلى الأرض الحجازية المقدسة ـ رأيت أن أفتتح الكلام بهذه الترعة وبما يتعلق بها من الشؤون الفنية والتاريخية والاقتصادية فأقول :
المواصلات بين البحر المتوسط وبين البحر الأحمر قديمة العهد ، تبدأ من المصريين القدماء على عهد امبراطوريتهم الوسطى أي منذ ألفي سنة قبل الميلاد تقريبا. فالمسألة إذا عريقة في القدم ، وقد عرفت لأول مرة قبل أربعة آلاف سنة على التقريب. وما كانت هذه المواصلات القديمة بين البحرين إلا من قبيل المصادفات ولم تكن غاية ما كان يرمي إليه القدماء. وهؤلاء ما كانوا يتطلبون سوى الحرص على المواصلات بين البحر الأحمر ونهر النيل ليتمكنوا من وصل أهم طرقهم وهو النيل بأعظم طريق بحري يؤدي إلى آسيا وبلاد الحبشة وهو البحر الأحمر. ولذلك قام الفراعنة بتخطيط طريق لا شك أنها من أهم طرق ذلك العهد، بين المكان الذي قامت فيه الآن مدينة القاهرة وبين السويس ، ليسهل عليهم نقل بعض الأحجار والمعادن من سيناء
__________________
(١) كتب هذا الفصل السيد عبد الوهاب المالكي.