حفرها بعرض ٦٠ مترا وبعمق ١٢ مترا. ومهما تكن فكرة فتح هذه الترعة عظيمة ، ومهما تكن الاستفادة من قوة الماء الذي سينصب في وادي الغور جيدة ، لا يتأتى إخراج هاتين الفكرتين إلى حيز العمل دع أن ثروة البلاد المعدنية المشهورة بجوار بحيرة لوط يصعب أن تذهب هدرا تحت غمر المياه لها ، ثم إن نفقات العمل ستكون باهظة وقد قدّرها اوليفان من مليار إلى مليارين من الفرنكات ، وقدّرها غيره بخمسة مليارات ، مما يجلب خسائر عظيمة ولا يفيد رؤوس الأموال التي ترصد له.
الترعة بين البحر المتوسط والخليج الفارسي :
وهناك مشروع آخر أشد غرابة من هذا ألا وهو وصل البحر المتوسط بالخليج الفارسي، وذلك بترعة تبتدئ من السويدية وتمر بأنطاكية وحلب وباليس على الفرات. وبإصلاح نهر الفرات بحيث يغدو صالحا لسير السفن حتى شط العرب. وقد قدرت نفقات هذا المشروع بسبعين مليون ليرة عثمانية ذهبا. فلو فرض بان الملايين الليرات لا شأن لها فإننا نتساءل عن فائدة هذا الطريق النهري الطويل الذي لا ينقص طوله عن طول طريق البحر الأحمر ، فضلا عن أن ارتفاع الأرض في جوار حلب هو ٤٠٠ متر ، مما يجعل هذه الفكرة بعيدة التحقيق أيضا.
مرفأ غزة :
تبعد مدينة غزة عن ساحل البحر خمسة كيلو مترات ، وترتفع عن سطح البحر ٥٥ مترا ، وتفصل بين المدينة والبحر تلال قليلة الارتفاع لا يتجاوز أعلاها ١٥ مترا. والساحل مملوء بطبقات رمل لا تتمكن البواخر من الاقتراب منه. وقد تكونت هذه الرمال بما تقذفه مياه النيل من الرمال إلى البحر المتوسط فتسوقها الرياح الغربية إلى هذا الساحل. والظاهر أن مرفأ غزة كان في معظم أدوار التاريخ دون سائر موانئ الشام ولم يكتب له أن ينتفع به حق الانتفاع إلا في أوقات قليلة.