مرفأ يافا :
خربت مدينة يافا في الحروب الصليبية فأضحت عبارة عن قرية تتألف من بضعة بيوت. وقد بدأت في التجدد أواخر القرن السابع عشر. وكان المرفأ إذ ذاك غير صالح لإرساء السفن كما هي حالته لهذا العهد. ولذلك كانت ترسي السفن الفرنسية في مرفأي عكا وصيدا. وحصنت يافا في القرن الثامن عشر وأخذت تزداد عمرانا إلى أن جاء نابليون في سنة (١٧٩٩). وقد ازدادت مكانتها وكثر عدد سكانها لعهدنا ، وذلك لقربها من القدس ومرور الخطوط الحديدية منها ومهاجرة اليهود والألمان إليها ، وكان جماع هذه الأسباب العامل الكبير في تقدم هذه المدينة. ومضت أدوار كانت كلمة الذهاب إلى يافا تدل عند الغربيين على عمل خطر. حتى إن بعض التجار كان يراهن الراحلين إلى الأراضي المقدسة على ثرواتهم بمعنى أن المسافر يقبض ما يعادل ثروته من التاجر الذي راهنه إذا عاد إلى أرضه سالما. كما أن المسافر يترك ثروته لهذا التاجر إذا لم يعد إليها. وهذا مما يدل على أن الخطر في دخول السفن هذا المرفأ كان قاب قوسين أو أدنى. وكانوا يعتقدون أن احتمال حدوث الخطر أكثر من السلامة. وتحسنت الحال قليلا منذ ذلك العهد ، ومع هذا لم يزل تفريغ السفن في ساحل يافا من الأمور الصعبة الخطرة.
إن مرفأ يافا صغير وقليل العمق وهو مسدود بخط من الصخور البارزة عن سطح الماء وليس له سوى مدخل صغير بين الشمال والشمال الغربي من المدينة. وقد وقع توسيع هذا المدخل بالنحت ونسف الصخور بالمفرقعات وهناك ممر آخر في جهة الشمال في عرض ٢٠٠ متر ليس بصالح للانتفاع لما يطمه من طبقات الرمل. وهذه الصخور الممتدة من الساحل إلى عرض البحر هي بمثابة سد طبيعي تكون في طول ٣٠٠ متر. ويكوّن من هذا السد ملجأ أمين للسفن الصغيرة الحجم ، ولكن قعر البحر يرتفع يوما فيوما لتكوّن جنس من الحجر المركّب من الرمل والأصداف بواسطة نوع من الملاط المترسب من الماء ، فليس ثمت عمق يزيد على الخمسة أمتار إلا بعد ٥٠٠ متر من الساحل بحيث لا تتمكن البواخر الضخمة من الإرساء إلا بعيدة عن