الشط نحو ٧٠٠ متر مما يتعذر معه تفريغ السفن. ويكون التفريغ بواسطة زوارق كبيرة تسيرها نواتية من أهل هذه المدينة بمهارة فائقة. وكثيرا ما يصطدم هؤلاء الربابنة بالصخور من شدة الأمواج العظيمة التي تهب بريح الشمال في فصل الصيف ورياح الغرب في الشتاء. وأصحاب هذه الزوارق يتقاضون أجورا باهظة من الركاب لكثرة الأخطار التي تحيط بهم. من أجل هذا لا يتيسر للسفن أحيانا تفريغ بضائعها وإنزال ركابها بل تسير بهم إلى مرافئ حيفا وبيروت وبور سعيد.
ثم إن قعر البحر مركب من رمال ومزيج من الحصى ومواد لزجة أخرى لا تمكن المراسي من مقاومتها عند وقوف السفن. ولذلك تبقى هذه السفن موقدة بخارها خوفا من مفاجأة الرياح الغربية الشديدة المزعجة. فالخطر والحالة هذه عظيم جدا في إنزال الركاب. فبناء مرفإ على الطراز الحديث هو عمل إنساني مفيد. وأول من درس هذا الموضوع الدكتور زامبل ثم أهمل أمره وذلك قبل سنة (١٨٧٥) في الوقت الذي جرى فيه قلع الصخور ونسفها بالمواد النارية. وفي سنة (١٨٨٠) طلب وزير الأشغال في الدولة العثمانية بناء سد في عرض البحر طوله كيلو متر واحد. وقد قدّر نفقات هذا المشروع بأربعة ملايين فرنك. وفي سنة (١٨٩٠) كثر طلب هذا الامتياز ، ومن الطالبين شركة ري بساتين البرتقال في يافا ثم شركة من القسطنطينية وشركة سكة حديد يافا القدس. والظاهر أن فتح مرفإ جديد كبير يتطلب نفقات طائلة لا تكفي تجارة هذه المدينة لتسديد الفوائد الناتجة عن هذه النفقات.
مرفأ حيفا :
تقوم مدينة حيفا على خليج صغير يبعد عن عكا جنوبا ثلاثين كيلو مترا ، وكان نزلها منذ أواخر القرن الماضي نفر من الألمان ، وأسسوا مستعمرات صغيرة ، وأبنية جميلة ، فزادت مكانتها التجارية ، وزادت نفوسها ، ووفرت مرافقها ، والمرفأ الحالي القريب من سهل قيشون وهو بطائح ومستنقعات يتجه نحو الشمال الشرقي في مأمن من الرياح الجنوبية والغربية بجبل الكرمل الذي يمتد داخل البحر من الجنوب إلى الجنوب الغربي وينتهي فيه عموديا.