طريق الحج وإنشاء الخط الحجازي :
كان المسلمون يلاقون صعوبات ومشقات في ذهابهم وإيابهم إلى الأرض المقدسة لأداء فريضة الحج كل سنة ، فكان يستغرق سفر الحاج الشامي أربعين يوما من دمشق إلى المدينة المنورة وعشرة أيام من المدينة إلى مكة المكرمة. خمسون يوما يقضيها الحاج بين دمشق والمدينة فمكة وعشرون يوما على الأقل يمضيها في القيام بالمناسك وزيارة قبر النبي المعظمصلىاللهعليهوسلم ويقضي خمسين يوما في عودته. فهذه أربعة أشهر كاملة للحج الشامي. أما التركي والإيراني وغيرهما من أهالي الممالك الإسلامية النائية فقد كان يحول الحول على أحدهم دون الوصول إلى بغيته. وناهيك بما يعترض الحاج من مشاق الأسفار وأهوالها وما يضطر لصرفه من النفقات الباهظة في هذه السبيل. وكان كثير من الأغنياء يتقاعسون عن القيام بهذه الفريضة لعدم توفر الوسائط اللازمة لراحتهم. فمد خط حديدي إلى الديار المقدسة كان من الضرورة بمكان.
كان الحجاج المسلمون يأتون ألوفا من الأقطار الإسلامية إلى دمشق ويجتمعون فيها انتظارا لسفر موكب الحج ، وكان يتألف هذا الموكب في دمشق ويسير منها متجها نحو الحجاز تحت إدارة حاكم يلقب بأمير الحج. إن قافلة كهذه يصعب جدا سيرها بدون انتظام شديد وكانت تتألف من مشاة وفرسان وهجانة وحمّارة يقدر عددها بعشرة آلاف نسمة وعشرين ألف دابة على الأقل. ولذلك كانت طاعة أمير الحج واجبة على الحجاج ليسهل عليهم قطع هذه الطريق المملوءة بالأخطار والمصاعب دون أن يتركوا أحدا على الطريق أو أسيرا بين أيدي البدو. وكان هؤلاء يثورون على الحكومة من وقت إلى آخر ، وبواسطة الهدايا التي كان يرسلها السلطان لقبائل البدو والعطايا التي يمنّ بها على شيوخهم كانت أطراف دمشق آمنة سالمة ، وكان لا يخشى وقوع حوادث بالقرب منها ، ولذلك كانت القافلة غير آمنة إلا بجوار بلدة المزيريب في حوران.
وفي العادة أن يرحل أمير الحج من دمشق في الخامس من شهر شوال في