وفي سنة (١٨٨٩) طلب رأس المهندسين في لبنان هذا الامتياز مجددا مع تمديد الخطوط إلى حوران فلم يفلح أيضا. وقد انقضت المدة ولم يعمل عمل بهذا الشأن إلى أن نال الامتياز المهندس اللبناني والمستر بيللنغ الإنكليزي وأسسا شركة الخطوط الحديدية العثمانية في الشام برأس مال قدره ٦٠٠ ألف ليرة إنكليزية. وبوشر بالعمل سنة (١٨٩٢) ثم وقفت الأعمال بعد الكيلو متر التاسع لأن أفكار أرباب الأموال من الإنكليز كانت متجهة نحو معادن الذهب. فجاءت حرب الترنسفال وانصرفت أفكار الإنكليز إليها وأدى ذلك إلى ترك العمل.
ولما قرر السلطان عبد الحميد وصل الخط الحجازي بمرفإ حيفا رأى من الضرورة استرجاع هذا الامتياز وذلك في تشرين الثاني سنة (١٩٠٢). وتمكن مهندسو عبد الحميد من عمل خط حيفا والخط الحجازي بعد استلامهم الأعمال التي تركها الإنكليز. بيد أنهم لم يتخذوا الخط الإنكليزي أساسا لهم بل تركوه وشأنه وجعلوا خطهم الجديد خطا ضيقا كالخط الحجازي وتمكنوا من الوصول إلى درعا نقطة اتصال هذين الخطين بأقل من ثلاث سنوات بالرغم مما اعترضهم من الصعوبات العظيمة أثناء عملهم. وقد كلف هذا الخط من سبعة إلى ثمانية أضعاف المعدل المتوسط لنفقات الخط الحجازي. وحقا إن هذا القسم كان أهم قسم من الخط الحجازي وأحسنه من الوجهة الفنية إذ كانت تتخلله صعوبات فنية لا توجد في سواه.
ويبتدئ هذا الخط من حيفا على ساحل البحر فيرتفع ٨٠ مترا في مرج ابن عامر بعد سير ٤٠ كيلو مترا ، ثم يهبط من أعلى هذا السهل إلى أسفل وادي الشريعة ليمر فوق جسر ينخفض ٢٤٦ مترا عن سطح البحر. وذلك بعد قطع مسافة ٤٥ كيلو مترا ثم يعود فيصعد من جديد إلى ارتفاع ٣٧٦ مترا وذلك بعد مسافة ٤٠ كيلو مترا ، ثم يصل إلى سهل درعا المرتفع ٥٣٠ مترا عن سطح البحر. فكل هذه التموجات من الصعود والهبوط قد اقتضى قطعها مسافة ١٦٨ كيلو مترا. فالقضية صعبة بنفسها وخصوصا ان وأدي اليرموك الواقع في الجهة الشرقية من نهر الشريعة كان شديد الخطر وليس من ممر سواه في تلك البقاع. وبذلك تمكن السلطان عبد الحميد ومهندسوه