الخطوط الشامية التي كانت تستعيض عن الفحم بحطب الأشجار المثمرة فنتج عن ذلك أضرار عظيمة للشام. وتمكنت الشركة بما أبدته من النشاط والهمة في فتح الأنفاق من تسيير القطارات رأسا بين الاستانة وحلب وذلك في سنة ٩١٧ ـ ٩١٨. أما هذا الخط فهو من الخطوط العريضة وعرضه متر و ٤٤ سانتيمترا ، ونصف القطر الأصغر لمنعطفات الخط خمسمائة متر في حين لا يتجاوز هذا النصف القطر الثلاثمائة متر في بقية الخطوط العثمانية. ووزن القضب الحديدية أكثر من وزن قضب الخطوط الأخرى. لأن القصد من ذلك تزييد السرعة على هذا الخط وجعلها ٧٥ كيلو مترا في الساعة. وتبين من الإحصاءات التي أجراها المسيو ري مدير خط سلانيك ـ الاستانة أن المعدل المتوسط لسعر الكيلو متر في الخطوط الحديدية العثمانية ١١٠ ، ١٨٩ فرنكات يدخل في هذا المبلغ ثمن القاطرات والعجلات والشاحنات والإنشاء ونفقات التأسيس وفوائد رأس المال وكل ما يتعلق بالخطوط من النفقات. وهذا قليل إذا قيس بخط بغداد لأن نفقاته كانت أكثر من غيره فيقتضي والحالة هذه أن يقدر المعدل المتوسط لسعر الكيلو متر بمائتي ألف فرنك أي تسعة آلاف ليرة عثمانية ذهبا.
الخطوط الحديدية بين الشام ومصر :
كان وصل الديار الشامية بمصر موضوع اهتمام المفكرين في كل الأدوار ، لما بين القطرين من العلاقات المادية والمعنوية. وقد فكر في هذه القضية وزير الأشغال العامة في الدولة العثمانية وأشار إليها في تقريره لسنة ١٨٨٠ وإلى ضرورة تمديد خط حديدي من القدس إلى العريش طوله ١٥٠ كيلو مترا ، وقدر نفقات هذا المشروع بعشرين مليون فرنك. وفي سنة ١٨٩١ طلب انطون يوسف لطفي بك إلى الحكومة العثمانية منحه امتياز خط حديدي يبتدئ من العريش على حدود مصر ويمر بغزة ـ يافا ـ حيفا ـ عكا ـ صور ـ صيدا ـ بيروت ، وينتهي بطرابلس حيث يتصل بخطوط الشركة الفرنسية. وكان الإنكليز يحبذون هذا المشروع ويوافقون عليه. غير أنه لم يتم تنفيذه ولم تتصل بنا الأسباب التي حالت دون إخراجه إلى حيز العمل.