هذا الرواق حول جميع البناء ، وبقي هيكل سليمان ٤٢٤ سنة إلى أن خربه ملك بابل. وتحيط بالهيكل الذي رمه هيرودوس في محل الحرم الشريف عدة دور ، منها دار الأمم ، وهي الدار الخارجية ، ثم دار النساء ، ثم دار إسرائيل ، ثم دار الكهنة ، ثم الهيكل ، وقد هدم الرومان هذا الهيكل سنة ٧٠ م.
ولا يزال الباحثون منذ ثلاثة قرون ينقبون عن كل ما له علاقة بهذا المعبد ، وكان خاصا بالخشب الثمين الذي جيء به من أرز لبنان وغيره ، مموها بالذهب والفضة ومحلى بالعاج والأحجار الكريمة ، وفيه من الأواني الثمينة والمدى والأحواض وأدوات البيوت ، ما صحّ أن يعدّ خلاصة علم الفينيقيين بالصنائع النفيسة. والفينيقيون هم في الحقيقة البانون للهيكل.
هندسة الفينيقيين وآثارهم :
لم يشتهر الفينيقيون بالعناية بالبناء والهندسة عنايتهم بالربح والكسب وارتياد القاصية ، ومع هذا أعجب الغربيون لعهدنا بالمكاتب التجارية التي أقامها الفينيقيون في شواطئ يونان وإيطاليا وصقلية وغاليا وابيريا وإفريقية. بيد أن هذا الشعب لم يخلف من آثار مدنيته أدنى ما خلفته الشعوب القديمة. وربما كان الباقي منها بل ما ثبت قيامه على عهد حضارتهم ، أقل مما خلفته تدمر والبتراء. ولم يثبت أن بقي للفينيقيين معبد من معابدهم إلى عهدنا على كثرة ما بنوا منها كما يقول التاريخ.
أما آثار الفينيقيين المدنية كالحصون والقبور وغيرها ، فإن الباقي من أساس حصن صور الذي أعجز اقتحامه القدماء الفاتحين كسراغون بخت نصر والإسكندر ، لا يدل على كبير أمر ، وقد بنى الإسكندر بين البر والجزيرة فيها سدّه الغريب ، وكان بناء صور إلى عصر ابن بطوطة «ليس في الدنيا أعجب وأغرب شأنا منه» وقال ابن جبير : إنه يضرب المثل بحصانتها وذلك أنها راجعة إلى بابين ، أحدهما في البر والآخر في البحر ، وهو يحيط بها من جهة واحدة ، فالذي في البر يفضى إليه بعد ولوج ثلاثة أبواب أو أربعة ، كلها في ستائر مشيدة محيطة بالباب ، أما الذي في البحر فهو مدخل بين برجين مشيدين إلى ميناء ليس في المدن البحرية أعجب وضعا منها ، يحيط