وادي موسى اليوم خزنة فرعون وهي دار الحكم نقرت في الصخر وجعلت ثلاث قاعات وبهوا. وهذا القصر الفخم الذي يدعى خزنة فرعون كان في الغالب معبدا لايزيس ، أنشئ على عهد الامبراطور ادريانوس سنة ١٣١ وفي واجهة هذا القصر رواق يتقدمه بضعة أعمدة كبرى وفوقها ثلاثة أعمدة أصغر منها ونقوش وتيجان ، وربما كان يصعد إلى العلية بلولب من الصخر بدليل ما يشاهد في الحائط من أثر الأدراج. وإذا دخلت هذا الرواق ترى على اليمين قاعة كبرى تلمع أحجارها وتتموج كأنها خرجت الآن من يد نقاشها. وفي الجهة اليسرى قاعة مثلها ، وفي الصدر القاعة الكبرى أو الردهة المدهشة. وكل هذه السواري والتيجان والقاعات والرواق محفور في الصخر أو في هذا الجبل قطعة واحدة فكأن الحجر كان بيد صانعي هذا الهيكل وغيره من الهياكل والنواويس والقصور كالطين يجعلون منه ما يشاءون. والذي يزيد في الدهشة أن الحجر أحمر في هذه الجبال أو من نوع الحجر الرملي ولكنه بمتانته كالصخر الأصم. ثم ترى فيه ذاك اللمعان ، فمن موجة حمراء إلى أخرى زرقاء ، إلى مثلها بيضاء إلى جانبها دكناء ، فسبحان من أنشأ هذا الصخر هنا منقطع النظير ، ورزق بانيه يدا صناعا تتفنن في تقطيعه ونقره ، بما فاق به البناة في سائر عاديات الشام. فإن كانت قلعة بعلبك تنم عن ذوق سليم وعلم واسع بالنقش وجر الأثقال ، فإن هذه العاديات الأزلية تنادي بلسان حالها : هذه عظمة الديان إلى جانب تفنن الإنسان.
وفي هذا الجوار أقدم النواويس وأهمها وبعد ذلك يجيء قصر البنات وهو بناء من الحجر رصفت حجارته كما ترصف الأبنية الضخمة من قلاع وأبراج وأسوار ونحوها. والغالب أنه كان للمتأخرين شبه دار للحكومة وهو مما عمر قبل الإسلام. وهناك ولا سيما في خربة النصارى آثار بعض أديار يدل اسمها ورسمها أنها من عمل النصارى عند ما كانت لهم حكومة هنا على عهد الرومان واليونان. وعلى مقربة من تلك الجبال الشوامخ والمنفرجات والأودية بعض نواويس وآثار ولكنها دون آثار البتراء في المكانة. وفي جبل الصبر ملعب أو صورة تمثل قتالا بين سفن حربية.
ويقول بعض علماء الآثار : إن معظم القبور التي حفرت كانت على مثال