وقد كان أرباب الفصاحة كلما |
|
رأوا حسنا عدوه من صنعة الجن |
وقال النابغة الذبياني :
إلا سليمان إذ قال الإله له |
|
قم في البرية فاحددها عن الفند |
وخيّس الجن إني قد أمرتهم |
|
يبنون تدمر بالصّفاح والعمد |
خربت آثار تدمر سنة ٢٧٣ م على يد اورليانوس الروماني لما قهر زينب ملكتها. ولما انتقض أهلها عليه عاد فافتتحها عنوة. وأعمل في أهلها السيف أياما متوالية. ثم أمر فبعثرت الأبنية ، وقوضت الهياكل ، ودكت الأسوار ، وهدمت القلاع. فأصبحت تلك المدينة الزاهرة قاعا صفصفا وظلت على هذه الحال قرية حقيرة إلى عهد ديوكليتيانوس أيام استخدمها الرومان لرد غزوات البادية وغيرها.
وصف عاديات تدمر (١) :
وبعد فإن كل ما دونه مؤرخو العرب في تدمر وما وصفها به رحالتهم مختصر جدا لا يستفاد منه الفائدة العلمية اللازمة ويتعذر علينا من النصوص التي اتصلت بنا أن ندرك حقيقة حالة تدمر وعمرانها حين فتحها المسلمون. والمعروف أن تدمر لم تستعد مكانتها ولا بعضها منذ استيلاء اورليانوس عليها في سنة ٢٧٣ م. يوم دك معاقلها وهدم دورها ودرس قصورها فأخذت تدمر حينئذ بالانحطاط إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم.
إن اتصل بنا تاريخ هدم تلك المدينة فإنا نجهل ما انتاب البقية الباقية من عمرانها بعد ذلك العهد حتى منتصف القرن الثامن عشر. أيام نزلها في سنة ١٧٥١ المهندسان الإنكليزيان وانكس ووود فرسما مخططا لتلك الخرائب ونقلا إلى بلادهم جملة رقم تدمرية ويونانية تمكن بفضلهما سوينثن وبرتليمي من قراءة حروفها وتفسير معانيها.
ومنذ ذاك العهد اشتهرت تدمر في الغرب ولا سيما عند علماء الآثار وغواتها فكثر شد الرحال إليها وزاد زوارها في السنوات الأخيرة خاصة وذلك بالنظر لسهولة المواصلات وتوفر أسباب الراحة فيها. وبالرغم مما انتاب
__________________
(*) كتب وصف تدمر الأمير جعفر الحسني.