بها الحال أيضا أن جعلت لدى مسيس الحاجة امتيازات للقائمين على احتكار هذه الفضائل العقلية ، وهي امتيازات جادت بها ، ونار التعصب يحرقها ، فتساهلت معها تساهلا دينيا عجيبا اه. نعم أخطأ في حكمه على العرب وهم ما خربوا العاديات ولكنهم لم يتوفروا على ترميمها بعد أن كان للعرب من البنيان قصر غمدان وكعبة نجران وقصر مأرب وقصر مارد وقصر شعوب والأبلق الفرد وقصر المشتى والفدين وغيرها من المصانع والقصور التي سنعرض لها في هذا البحث كيف يسلبهم كلرمون غانو إبداعهم المجمع عليه.
قصور العرب في الإسلام :
تخلى جمهور من الروم في دمشق عن دورهم في الفتح ولحقوا بهرقل فنزلها الفاتحون ، ثم أخذوا في كل بلد ينزلونه يرمّون ما عور من بنائه ، وربما بنوا بالمدراي باللبن والطين أولا ، ثم عادوا إلى استعمال الحجر. فقد روي أن عمر بن الخطاب رضياللهعنه لما بلغه أن سعدا وأصحابه بنوا بالمدر كتب : أكره لكم البنيان بالمدر فأما إذا فعلتم فعرضوا الحيطان ، وأطيلوا السمك ، وقاربوا بين الخشب. وقد كان لبعض الصحابة الكرام ممن فتحوا دمشق دور وقصور منتشرة في أنحاء المدينة مثل دار أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد وفضالة بن عبيد والعباس بن مرداس وأبي العزيز الأزدي ووابصة بن معبد وطلحة بن عمرو وخالد بن أسيد والنعمان بن بشير الأنصاري وواثلة بن أسقع وهبار بن الأسود وعمرو بن العاص وأوس بن أوس ويزيد ابن نبيشة وعبد الله بن عامر إلى أمثالهم. ولا نعرف إلا مكان دار أبي عبيدة وكان في محلة حجر الذهب أي المحلة التي تعرف اليوم بالبيمارستان وكانت أجمل حيّ في دمشق.
وكان معاوية يقيم أحيانا في غوطة دمشق وينصب الأبنية والأروقة والفساطيط وزعم اليعقوبي أن معاوية كان أول من بنى وشيد البناء وسخر الناس في بنائه ولم يسخر أحد قبله. ولما بنى معاوية داره بدمشق المعروفة بالخضراء ، لقبة خضراء بناها عليها عرفت الدار بها ، وذلك قبلي الجامع الأموي ، دخلها وفد الروم فقالوا : ما أحسن ما بناها للعصافير. وفي رواية أما أعلاها