فسيح يشتمل على قاعات ملوكية مفروشة بالرخام الملون البديع الحسن ، المؤزر بالرخام ، المفصل بالصدف والفص المذهب إلى سجف السقف ، وبالدار الكبرى به إيوانان متقابلان تطل شبابيك شرقيهما على الميدان الأخضر وغربيهما على شاطئ واد أخضر يجري فيه نهر ، وله رفارف عالية تناغي السحب ، تشرف من جهاتها الأربع على جميع المدينة والغوطة. قال شيخ الربوة : سمي بالقصر الأبلق لكونه مبنيا بالحجارة البيض والحجارة السود. وقد بقي هذا القصر عامرا إلى عهد العثمانيين رآه ابن طولون الصالحي المتوفى سنة ٩٥٣ وقرأ تاريخه ٦٦٨ وقال : إن على أسكفته ضربا من رخام أبيض وسطه مكتوب عمل إبراهيم بن غنائم المهندس. وقد قال العارفون : إن التكية السليمانية قامت على أنقاض ذاك القصر. وذكر ابن تغري بردي أن الأبلق ما زال عامرا تنزله الملوك إلى أن هدمه تيمور لنك في سنة ثلاث وثمانمائة عند حريق دمشق وخرابها.
وبنى علم الدين قيطر المعروف بتعاسيف للملك المظفر في حماة أبراجا وطاحونا على العاصي وعمل له كرة من الخشب مدهونة رسم فيها جميع الكواكب المرصودة وعاونه في عملها المهندس القاضي جمال الدين بن واصل.
المعاهد الدينية والمدنية في العهدين النوري والصلاحي :
ولما قويت حركة العمران في عهد الدولتين النورية والصلاحية بدمشق وحلب والقدس وحماة وطرابلس وبعلبك وغيرها وأخذوا ينشئون فيها المدارس والجوامع والرّبط والمستشفيات والقلاع والجسور ، كان منها ما هو مثال الهندسة العربية مثل واجهة بناء المدرسة العادلية التي شرع ببنائها نور الدين ولم يتمها ، ولما ولي العادل أزال ما بناه نور الدين وبناها كما قال صاحب الروضتين هذا البناء المحكم الذي لا نظير له في بنيان المدارس. ومن البدائع واجهة مدخل المستشفى القيمري في صالحية دمشق ، وهندسة مدرسة الصهيبية في حلب ، وكذلك المدرسة التي كانت بجوار الشهباء وصفها ابن جبير قال : ومن أظرف ما يلحظ فيها أن جدارها القبلي مفتح كله بيوتا وغرفا وله طيقان يتصل بعضها ببعض ، وقد امتد بطول الجدار عريش كرم مثمر عنبا ،