في أعمال دمشق وغيرها. ولأهل الخير في كل عصر أياد بيضاء في إقامة الخانات والفنادق بين البلدان ومنها خان بناه علي بن ذي النون الإسعردي الدمشقي بقرب الكسوة أول مرحلة للحج الشامي. وما كان في قمم الجبال من المناور التي كانت توقد فيها النيران للإعلام بحركات العدو في الليل وما كان شيد من أبراج حمام الزاجل لنقل الأخبار في النهار. ومن ذلك دمنة القبتين الماثلتين في قنة جبل قاسيون وكان فيه مرصد فلكي بناه المأمون فدثر في جملة ما دثر. واسم القبتين قبة السيار وقبة النصر. وقبة النصر بناها برقوق على سوار قيل : إنه وجد موضعها ذهبا كثيرا مدفونا. ومما اشتهر جسر منبج اتخذ في زمن عثمان بن عفانرضياللهعنه للصوائف ويقال : بل كان له رسم قديم.
قلاع الصليبيين وكنائسهم :
دخلت الشام في القرون الوسطى هندسة جديدة عسكرية ، وهي هندسة الصليبيين للقلاع والحصون والدور والكنائس ، ولا سيما في طرابلس وبيروت وعكا. واهتم الصليبيون ببناء القلاع والكنائس في الأقاليم التي احتلوها ولا سيما في طرابلس وصور وأنطاكية وعكا والقدس حتى قال بعض الباحثين : إذا استثنينا الدور الروماني فإنه لم يأت على الشام زمن توفرت الهمم فيه على البناء مثل عهد الصليبيين. فإن كل مستعمرة تجارية في المواني البحرية كانت تحاول أن يكون لها على الأقل كنيسة وخانات وحمامات. ثم القلاع التي غصّ بها القطر وهي أحسن نموذج للهندسة الحربية في القرون الوسطى. قال فان برشم : إن على طرابلس صبغة المدن الإيطالية أثرت فيها منذ الحروب الصليبية ، كما أثرت هندسة المدن الإيطالية الكبرى في جميع المواني البحرية في الشام. وكان للطراز الإيطالي التقدم على غيره لأن الطليان أهل البندقية وبيزة وجنوة وطسقانا كانوا أسبق أمم الغرب إلى الاختلاط بسكان الشام للقرب وللعلاقة الدينية بين رومية ونصارى الشرق العربي قبل الحروب الصليبية. وكان عدد الصليبيين من جمهوريات إيطاليا أكثر من غيرهم من الأمم. قال فان برشم : لما كانت سواحل الشام محط رحال الصليبيين ، ونقطة حركاتهم