الحربية ، تشبعت أبنيتها بالروح الإيطالي ، خصوصا لأن الطليان كانوا إذ ذاك أكثر عددا في هذه الحملات من العنصر الفرنسي. ومن هذه المدن ما دثر مثل طرطوس وصيدا وصور وقيسارية وعسقلان ، ومنها ما هو باق مثل أنطاكية وبيروت واللاذقية وعكا. وفي مدينة طرابلس من بين المدن كلها يتحلى الروح الإيطالي الباقي من القرون الوسطى في أبنيتها وهندستها. ولا تزال قلعة الحصن أو حصن الأكراد والكرك كما يدعوها فرسان الصليبيين محفوظة منذ عهد الصليبيين على ما هي عليه ، وهي آية في باب الهندسة العسكرية ناطقة بلسان حالها بأن الصليبيين نزلوا الأرض المقدسة. ومن هندسة الصليبيين جامع خليل الرحمن وجامع بيروت وطرطوس الكبير وأرواد وصور وصيدا ودير البلمند قرب طرابلس وكنيسة مار يوحنا في جبيل وكنيسة مار شربل في معاد وكنيسة أنفة هذا إلى غير ذلك من البيع في شمالي لبنان وجوار البترون وقد بنوا نحو خمسين قلعة وحصنا في الكور التي احتلوها.
قال رنان : الظاهر أن البنايات المربعة الشكل الضخمة الحجم هي من عمل الطليان وفرسان الهيكليين ، وأن البنايات ذات البرج المدور هي من صنع الفرنسيين وفرسان الاسبتاليين ، وكثيرا ما كان تأثير هندسة اليونان البيزنطيين لقلاعهم. وكان القطر غاصبا بها ـ يعدل ذوق الإفرنج الخاص في هذا المعنى. قال : وفي طرطوس قامت أهم هذه الآثار واستدل بما فيها أن منزل الصليبيين في الشام لم يكن منزل قلعة ، بل وطدوا أنفسهم على احتلالها احتلالا دائما ، وإن في طرطوس بيعة هي أجمل مصنع من المصانع التي بنيت على الطراز الغوتي في هذه الديار.
هندسة البيوت وبيوت دمشق وحلب :
لم يبلغنا أن في القطر دورا يرد تاريخها إلى ألف سنة حتى نعرف حق المعرفة كيف كانت هندسة المساكن كما بقيت مثلا بعض دور قنوات في جبل حوران محفوظة على الصورة التي كانت عليها بنوافذها وأبوابها الحجرية. وكما ادعى القرماني أن في اللجاة من البنيان ما يعجز عن وصفه اللسان ، وكل دورها من الصخر المستحدث ليس في الدار خشبة واحدة بل كلها حجارة