وكان جيش الإسكندر أحسن جيش عهد في اليونان ، ويتألف الجحفل اليوناني من ١٦ ألفا من الرجال مصفوفين ألوفا ألوفا ستة عشر صفا يحمل كل واحد منها رمحا طوله ستة أمتار ، وكان المقدونيون لا يسيرون في ساحة الوغى إلى جهة العدو ، بل يقفون ولا حراك بهم ، ويضربون عدوهم برماحهم من كل جانب ، فيرفع جنود المؤخرة رماحهم من فوق رؤوس الصفوف الأولى ، بحيث كان الجيش يشبه حيوانا عظيما قد انتصب وعليه الحديد ، والعدو يداهمه فيتحطم ، والجيش مؤلف على الأغلب من خيار فتيان الأشراف.
واشتهرت الجيوش الرومانية بشدّتها وحسن نظامها ، وما نظن رومية إلا أنها كانت تجند من أبناء هذه الديار كثيرا ، لأن الشام أنبغت عدة رجال غدوا أباطرة وقوادا في رومية ، فيستحيل ألّا يشترك أبناؤها في جنديتها ، وألّا تكون منهم الكتائب المنظمة والمتطوّعة أو المستأجرة على شروط معينة ، خصوصا والشام كانت ولاية رومانية. وكان يقضى على كل من يدخل الجيش الروماني أن يكون وطنيا رومانيا وأن يكون له مورد ثروة ليجهز نفسه بالسلاح ويأكل ويلبس ، ويعفى الفقراء من هذه الخدمة. وكان من له حق التجند تبعا لقائده من سن السابعة عشرة إلى السادسة والأربعين ، وكان كل فرد في رومية كما كان في المدن الرومانية وطنيا وجنديا معا ، ومتى احتاجت الدولة إلى الجند يصدر القنصل أمره إلى جميع الوطنيين فيأتون ويحلفون يمين الإخلاص والطاعة للقائد ، ويتعاهدون أن يقاتلوا دون أعلامهم ، ويحق للقائد أن يقتل جنديّه أو يبقي عليه ، فلا يستطيع جندي أن يفر من الزحف أو يتزحزح عن محله إلا بأمر قائده ، وسلاحهم الرماح والسيوف ويستعملون الدروع والخوذ والأتراس ويمرنون أبدا جنودهم في إنشاء الطرق والجسور والمجاري ، إذا لم يكن أمامهم عدو يقاتلونه أو متاريس يقيمونها.
الجيش العربي مع الرومي :
فتح الجيش الروماني أعظم مملكة في العصور السالفة ، أيام كانت قوته