الرعية قسمان : قسم مأخوذ من الأعداء وهو الغنيمة المأخوذة بالقهر. والفيء وهو الذي حصل من مالهم في يده من غير قتال. والجزية وأموال المصالحة وهي التي تؤخذ بالشروط والمعاقدة. والقسم الثاني المأخوذ من المسلمين فلا يحل منه إلا قسمان. المواريث وسائر الأموال الضائعة التي لا يتعين لها مالك. والأوقاف التي لا متولي لها. أما الصدقات فليست توجد في هذا الزمان ـ أي في القرن الخامس ـ وما عدا ذلك من الخراج المضروب على المسلمين والمصادرات وأنواع الرشوة كلها حرام. وقال أيضا : إن أموال السلاطين في عصرنا حرام كلها أو أكثرها وكيف لا والحلال هو الصدقات والفيء والغنيمة لا وجود لها ، وليس يدخل منها شيء في يد السلطان ولم يبق إلا الجزية وإنما تؤخذ بأنواع من الظلم لا يحل أخذها به. فإنهم يجاوزون حدود الشرع في المأخوذ والمأخوذ منه ، والوفاء له بالشرط. ثم إذا نسبت ذلك إلى ما ينصبّ إليهم من الخراج المضروب على المسلمين ، ومن المصادرات والرّشى وصنوف الظلم لم يبلغ عشر معشار عشيرة.
أول ما فرض من الجباية :
عرف أول شيء من المال فرض على أهل دومة الجندل من الكتاب الذي أرسله النبي مع حارثة بن قطن الكلبي من أهل دومة الجندل يقول فيه : هذا كتاب من محمد رسول الله إلى أهل دومة الجندل وما يليها من طوائف كلب لنا الناجية من النخل ولكم الصامتة من النخل ، على الجارية العشر وعلى الغايرة نصف العشر ، لا تمنع سارحتكم ، ولا تعد فاردتكم (١) ، تقيمون الصلاة لوقتها ، وتؤتون الزكاة بحقها ، لا يحظر عليكم النبات ، ولا يؤخذ منكم عشر النبات ، لكم بذلك عهد الله والميثاق ، ولنا عليكم النصح والوفاء وذمة الله ورسوله. شهد الله ومن حضر من المسلمين اه.
واختلف مقدار الجبايات باختلاف العصور. وكان لأول الفتح ضرب الخراج على الأرض والجزية على الرقاب ، وراعى الخليفة الثاني حال الشام فعمل في نواحيها غير ما عمل في غيرها من الأرضين التي فتحت في عهده ،
__________________
(١) الفاردة : الزائدة عن الفريضة أي لا تضم الى غيرها فتعد معها وتحسب. السارحة الماشية.