أي فضل أعطيات الأجناد وفرائض الناس. أما من جاءوا من قبل ومن بعد من بني أمية فكانوا أشكالا ومشارب منهم الجمّاعة ومنهم المبدد. فقد كان في بيت مال الوليد يوم قتل سنة (١٢٦ ه) سبعة وسبعون ألف ألف دينار ففرقها يزيد عن آخرها. وذكر المؤرخون أن الوليد بن عبد الملك بن مروان أقطع جند أنطاكية أرض سلوقية عند الساحل وصير إليهم الفلثر بدينار ومدّي قمح فعمّروها وأجرى ذلك لهم وبنى حصن سلوقية. والفلثر مقدار من الأرض معلوم كما يقول غيرهم الفدّان والجريب.
عهد العباسيين ومساحة الشام :
وعدّل أبو جعفر المنصور أرض الغوطة غوطة دمشق فجعل كل ثلاثين مدا بدينار بالقاسمي وكان أداء الناس على ذلك. وكان الخلفاء من بني العباس يعمدون إلى إبطال الرسوم عندما يتجلى لهم ضررها ولا يقطعون أمرا بدون أخذ آراء جلة الفقهاء في عصرهم. فقد أمر المعتضد سنة (٢٨٣) بالكتابة إلى جميع البلدان أن يرد الفاضل من سهام المواريث إلى ذوي الأرحام وأبطل ديوان المواريث. وخلف المعتضد هذا في بيوت الأموال تسعة آلاف ألف دينار ومن الورق ألف ألف درهم. وقد كنت ترى في أيام العباسيين عدلا شاملا لا مثيل له حينا وتجد ظلما شائنا في دور آخر ، فعهد الرشيد والمأمون والمهدي والظاهر كان عجبا في العدل وانتظام الجباية. فقد كتب المأمون سنة (٢١٨) إلى إسحاق بن يحيى بن معاذ عامله على جند دمشق في التقدم إلى عماله في حسن السيرة وتخفيف المؤونة وكف الأذى عن أهل عمله قائلا : فتقدم إلى عمالك في ذلك أشد التقدمة ، واكتب إلى عمال الخراج مثل ذلك. وكتب إلى جميع عماله في أجناد الشام جند حمص والأردن وفلسطين بمثل هذا.
والمهدي افتتح أمره بالنظر في المظالم وبسط يده في العطاء فأذهب جميع ما خلفه المنصور وهو ستمائة ألف ألف درهم وأربعة عشر ألف ألف دينار سوى ما جباه في أيامه. والمأمون أقام سنة بدمشق (٢١٤) لمساحة أرض الشام واجتلب لتعديله مساح العراق والأهواز والري وكان جده أبو جعفر