وكانت العادة أن تنقش على الرخام صورة الأمر الصادر من الملك في رفع مثل هذه المظالم ، فقد نقش الظاهر ططر رخامة وألصقها على باب الجامع الأموي بدمشق بإبطال ما كان لنائب الشام على المحتسب في كل سنة ، وكذلك أبطل في القدس ما كان يجبى لنائب القدس في كل سنة من المال ، ونقش ذلك على رخامة وألصقها بباب الجامع الأقصى. وفي سنة (٧٤٦) كتب على باب قلعة حلب وغيرها من القلاع ما مضمونه : مسامحة الجند بما كان يؤخذ منهم لبيت المال بعد وفاة الجندي وذلك أحد عشر يوما وبعض يوم في كل سنة ، وهذه مسامحة بمال عظيم ، وكتب بالمسامحة بمثل ذلك على حائط قلعة طرابلس ، وهذا التفاوت أيام الدوران ما بين السنين الشمسية والقمرية.
وكثيرا ما كان يصدر الأمر في زمن الشراكسة بجمع الذهب إذا قلّ أو الفضة وتسليمها إلى الملك ليضرب بها سكة ونقودا ، وكثر في أيامهم غش الفضة حتى كان سعر الدرهم ينزل كثيرا ، ويصاب الناس في الشام ومصر بخسائر فادحة ، وكثيرا ما كانوا يخسرون ثلث أموالهم لأن بعض ملوكهم كانوا يغشون الفضة وينزلون عيار الذهب ، فكانت المصيبة بالفضة والذهب لعهدهم كالمصيبة بالأوراق النقدية لعهدنا ، كل يوم في ارتفاع وانخفاض.
كانت أيام الشراكسة فريدة بثروة عمالها ، والغالب أن الواحد منهم كان يأخذ رزق ألوف ولكن الثروة كانت شيئا كثيرا في تلك الأيام محصورة في الأفراد.
وكانت المكوس على البضائع الصادرة والواردة تؤخذ في الحدود بين الشام والروم ، وكثيرا ما كان الروم إذا قويت شوكتهم في الشام يقيمون في حلب رجلا منهم لأخذ مكس البضائع كما جرى في القرن الرابع. وكان للصليبيين في الحروب الصليبية على المسلمين ضريبة يؤدونها في بلادهم ، وتجار النصارى يؤدون في أرض المسلمين على سلعهم ، وكانت تؤخذ ضرائب الصادرات والواردات ببيروت ، وهي جملة مستكثرة ، وكان على باب الميناء دواوين وعامل وناظر ومشارف وشادّ ، يوليهم نائب دمشق والمتوفر