يعطاها وتخمن على الأقل بعشرين ألف درهم عثماني كل سنة ، واخترعوا «العوارض» وهي مظلمة سلطانية تؤخذ من البيوت في الشام في كل سنة. ويقال : إنها من محدثات الظاهر بيبرس أشار إليها الأكرمي بقوله :
لحا الله أيام العوارض إنها |
|
هموم لرؤياها تشيب العوارض |
يضيق لها صدري وإني لشاعر |
|
ضليع وبيتي ما عليه عوارض |
قلنا : وهذا من جملة الدواعي التي انتقلت بها في القرن الماضي قرى ومزارع كثيرة في سهول الشام وجباله إلى أرباب النفوذ ، فخرج أهلها عن ملكها ، ورضوا بالاستعباد على أن يكونوا أحرارا مالكين. وذلك فرارا من ظلم الحكومة وتخلصا من الضرائب الثقيلة التي لا تتحملها نفس بشرية. ولطالما قصّ الشيوخ علينا قصة الطبلة يوم تدق في قريتهم ، ويجيء أعوان الظلمة لأخذ المظالم من أهلها ، وكان الأمراء إذا خرجت لأخذ الصدقة تضرب الطبول عادة لهم قديمة.
الجباية على عهد المصريين والمقابلة بين طريقتهم وطريقة العثمانيين :
كان الأجنبي في حكم إبراهيم باشا المصري يعطي رسوم جمارك وضرائب أقل مما يدفع الوطني. ولذلك اضطر بعض التجار إلى ابتياع حماية الأجانب حتى يستطيعوا أن يتجروا ، كتب اللورد دوفرين إلى حكومته سنة (١٨٦٠) يقول : في مقدمة أسباب ضعف الإدارة العثمانية في الشام ، أن الباب العالي كان يعتبر هذه الولاية منذ بضع سنوات كإيالة أجنبية يقتضي الانتفاع منها ما أمكن ، ولذلك طرح منصبها في المزاد ولم يول عليها إلا الزائد الأخير. ومن الطبيعي أن كل وال جديد لم يكن يفكر إلا في تعويض ما دفعه من المال ، وبجمع الثروة فيسلب أهالي ولايته لدن وصوله ، مبتزا منهم الأموال ومثقلا كاهلهم بالضرائب الجديدة. وبعد أن ذكر كيف كان الوالي يرشي جماعة الإستانة لتستقيم له الولاية مدة ، يواصل فيها استنزاف الأموال وإملاء جيوبهم بها قال : فنشأ عن ذلك مظالم لا تطاق ، وابتزاز أموال لا تحصى ، وتعاقب على الإيالة ولاة غير أكفاء للمنصب ، جائرون مرتشون طماعون في جمع المال ، لا تشبع بطونهم ، خالون من أدنى اهتمام بالمصلحة العامة اه.