جميع الوجوه فالضرائب عبء ثقيل لا يطاق (١) مع أنها أقل من قبل والأمن مفقود ، والدخل يقلّ كل يوم لإهمال القرويين حراثة الأرضين ، وكل ما يتم جمعه ينفقه بإسراف أو يسرقه الموظفون ، والأموال اللازمة لإدارة الحكومة تطلب من الإستانة ، وصار من الجلي أن المالية تزداد اختلالا وفساد الإدارة مستمر.
«كانت حكومة محمد علي فرضت على كل ذكر ساكن في المدينة ضريبة جديدة تدعى ضريبة الفردة تختلف بين ١٥ قرشا إلى ٥٠٠ قرش ، حسب حالة كل إنسان ، وكان مجموعها يبلغ عشرين ألف ليرة إنكليزية. ولما عاد الأتراك إلى البلاد لقوا مقاومة شديدة في جبايتها ، فأبدلوها بضريبة على البيوت تستوفى دون حدوث اضطراب كبير أو قتال ، على أن مجموعها لا يتجاوز العشرة آلاف ليرة إنكليزية ، وقد جرت بعض احتكارات ، وفرضت ضرائب جديدة على البنايات المحدثة ، للاستعاضة عن الدخل الذي أسرفوا به ، وكانت الحكومة المصرية تستوفي نحو ٥٥ ألف كيس ولا يتأخر لها بارة ، وهذا المبلغ يساوي ٢٧٥ ألف جنيه فهبط الدخل اليوم إلى ٣٥ ألف كيس قيمتها ١٤٣ ألفا وخمسمائة جنيه ، يجبى منها عشرة آلاف كيس ويبقى زهاء ٤١ ألف جنيه في ذمة الأهالي ، وهذه يتعذر جباية قسم منها.
رأي مدحت باشا في مظالمهم :
وأصرح من هذا ما كتبه مدحت باشا أيام كان واليا على الشام بتاريخ ١٧ آذار (١٢٩٥) شرقية من لائحة في سياسة الشام وأموالها ومما قاله : إن الأوامر التي تصدر من الإستانة إلى الشام محصورة في طلب المال والجند فقط ، وبذلك بطل العمل بالقانون والأصول المرعية ، وفتحت أبواب سوء الاستعمال وما عدا بعض الرجال من الموظفين أصبح كبار العمال وصغارهم لا يلتفتون
__________________
(١) قال بيريه : إن الضرائب التي وضعها إبراهيم باشا المصري على الشاميين كانت شديدة وما كان القوم يتحملونها لو لم يكونوا من عناصر وأديان مختلفة. قلنا : ومن حسنات إبراهيم باشا أنه أبطل الرشي والاصطناع وأبطل المصادرات وقرر حق التملك.