بالمعروف ويطعم فقيرا غير متمول فيه ، وفي رواية غير متأثل مالا. قال بعض الفقهاء : إنما وقف عمر بن الخطاب سواد الكوفة لأنه ليس مما حازه المسلمون حين ظهروا عليه ، ولو كانوا حازوه وجمعوا ما فيه من السبي والأموال كان غنيمة ليس للإمام أن يقفه حتى يخرج منه الخمس لله ثم يقسم أربعة أخماسها بين الذين حضروا فتحه. وقد وقف بعض الصحابة أوقافا.
وذكروا أن أحد شهداء أحد واسمه مخيريق عهد إلى الرسول قبل قتله أن يضع أمواله حيث أراد فحبسه على سبعة حوائط وهي كروم النخل في المدينة ، فأصبحت الأموال المحبوسة من ذاك العهد لا تشرى ولا تورّث ولا توهب ، وأخذ بعضهم يحبسون أموالهم على أعقابهم وأعقاب أعقابهم. ووقف مخيريق أول وقف في الإسلام. قال زيد بن ثابت : لم نر خيرا للميت ولا للحي من هذه الحبس الموقوفة ، أما الميت فيجري أجرها عليه ، وأما الحي فتحبس عليه ولا توهب ولا تورث ولا يقدر على استهلاكها.
تعريف الأوقاف وطرقها :
قالوا : إن ولاية الأوقاف من باب التعاون على البر والتقوى ، ولا ينهض بحملها إلا الأمين القوي ، فإن أبوابها متسعة ، وأربابها متنوعة ، وشعابها متفرعة ، فإنهم أصناف وطوائف ، فمنهم الأشراف المتصلون بالرسول ومنهم الهاشميون والعباسيون والعلويون والحسنيون والحسينيون وغيرهم ، ومنهم الفقهاء الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة وغيرهم ، ومنهم الصوفية والفقراء والقراء والأضراء والأسرى وأبناء السبيل والمرضى والمجانين ، ومنها تكفين الموتى وإصلاح أسوار الثغور وقناطر الطرقات وعمارة المساجد ومصابيحها وأئمتها ومؤذنوها وقومتها ومصالح المدارس وإقامة وظائفها ، وكذلك الرّبط والخوانق والمشاهد ومواطن العبادة إلى ما سوى ذلك من وقف على تعليم اليتامى الخط ، ووقف على من انكسرت له آنية لا يقدر على عوضها وغير هذا من أبواب الطاعات وجهات الخيرات ، فهذه الوقوف العامة جميعها على اختلاف مصارفها وتباين جهاتها مشتركة في أن المقصد بها التقرب إلى