الله تعالى فإنها معدودة من الصدقات ، داخلة في باب القربات ، فيجب اتباع شروط واقفيها والعمل بها.
وما برحت الأوقاف تنمو بنمو الثروة وامتداد السلطة بامتداد الفتوح ، حتى تكاملت أجزاؤها ، وتكاثرت موادها ، في صدر الخلافة العباسية وخصوصا على عهد الخليفة المأمون فإنه وقف الأوقاف الكثيرة في العراق وغيرها على العلماء ودور العلم والجوامع والمباني العامة، لتبقى دائمة الانتفاع على الدهر ، وتكفي العلماء والمحاويج ، وأصحاب الزمانات والعاهات من التكفف والاستجداء ، فمن ثمّ كثرت الأوقاف النافعة كثرتها في الولايات المتحدة الأميركية لهذا العهد ومعظمها على دور العلم والبائسين.
أول أوقاف الشام وسوء استعمالها :
وأول وقف حبس في الشام فيما بلغنا أراضي بطارقة الروم فيها ممن فروا من جيوش الإسلام أو قتلوا في الحرب وكانوا قواد جند الروم ، فأصبحت أملاكهم شاغرة فأوقفها الفاتحون على بيت المال ، وكان العمال يقبّلونها أي يضمنونها ويضيفون دخلها إلى بيت المال، وكان من العمال من يحبس القرى على مصالح المدينة ومرافقها ، قاصدا بذلك عمارتها، وكان من الأرض المفتتحة عنوة ما ليس يملكه السلطان فيباع «لأنه فيء للمسلمين يقوم مقام الوقف على جميعهم» قال القاضي أبو يعلى : إن أرض السواد صيرها عمر وقفا بنفس الفتح ، والأرض لا تصير وقفا حتى يقفها الإمام ، فعلى هذا يجوز له بيعها إذا رأى بيعها أصلح لبيت مال المسلمين ، ويكون ثمنها مصروفا في عموم المصالح وفي ذوي الحاجات من أهل الفيء وأهل الصدقات. وقد قال أحمد في رواية عبد الله : الأرض إذا كانت عامرة هي لمن قاتل عليها إلا أن يكون وقفها من فتحها من المسلمين كما فعل عمر بالسواد فاعتبر إيقافه.
ومن أحسن القوانين الصريحة عند المسلمين أحكام المواريث فإنها تقضي على المورث أن لا يوصي بغير الثلث من ماله في وجوه المبرات وأن يبقي الثلثين لوارثيه يستمتعون به استمتاعه من قبل ، ولذا لم يكن إلا في الوقف