وارتفاعها. وحظر بيع الوقف يعبث بريعه على وجه الإجمال ، لأن أموال الأوقاف وعقاره لا تستثمر استثمارا جيدا.
ولقد شدد الواقفون في شروط أوقافهم خصوصا إذا كان عليها مسحة الأوقاف المسبلة على المصالح العامة ، ومع هذا انتهبتها أيدي الضياع ، وسطت على ريعها وأعيانها مخالب السارقين والمزورين. وهذه مدينة دمشق كان في واديها في القرن التاسع زهاء ألف وخمسمائة مسجد وجامع ، وليس فيها اليوم مائتان وخمسون ، وكان فيها أوائل القرن العاشر ثلاثمائة وعشرون مدرسة ورباط وخانقاه وتكية ومستشفى وليس فيها اليوم من كل ذاك الإرث القديم خمس مدارس وربط يصح أن يطلق عليه اسم مدرسة أو رباط اللهم إلا من باب التجوز ، وقد بدلت أعيانها كلها واختلست أحباسه ، ومنها ما لا تزال قائمة أوقافه مزبورة على أحجار أبوابها حتى الساعة تقرأ بلسان عربي مبين ، على كثرة ما بدل المبدلون وتلاعب المتولون والمستحقون ، وهكذا قل عن مدارس القدس فإن أكثرها مما عبث به النظار والمتولون ، ومثل ذلك قل في مدارس حلب وهي تعد بالعشرات كمدارس العاصمة ورباطاتها وزواياها وجوامعها فإنها أصبحت وأوقافها أثرا بعد عين ولم يكتب البقاء إلا لبضع منها.
أوقاف نور الدين وصلاح الدين ومن تقدمهما وخلفهما :
راجت أسواق الأوقاف على عهد صلاح الدين يوسف وآل بيته ، فإن حاشيته وأولاده أكثروا من أعمال الخير اقتداء به حتى وقف عبيد دولته وجواريه وأبناؤه وأحفاده وبناته أوقافا جمة على الخيرات. وكان ريع أوقاف نور الدين في الشام سنة (٦٠٨) تسعة آلاف دينار صورية كل شهر ، ليس فيها غير ملك صحيح شرعي ظاهرا وباطنا.
تقدم نور الدين بإحصاء ما في محالّ دمشق فأناف على مائة مسجد فأمر بعمارة ذلك كله وعين له وقوفا. وقد وقف وتصدق في سبيل الخيرات ووجوه البر والصدقات ، ما تقدير ثمنه مائتا ألف دينار ، وتقدير الحاصل من ارتفاعه في كل سنة ثلاثون ألف دينار ، من ذلك ما وقفه على المدارس