الفصل الرابع عشر
مقنيات ـ الدريز ـ عبري
الأربعاء ، التاسع من مارس / آذار : أخذ تقدمنا في هذا الجزء من البلاد يبدو شاقا وبطيئا بسبب انقسامه إلى مقاطعات منفصلة ، كل واحدة منها تبدو مستقلة عن الأخرى ، ولا تعترف إلا قليلا بأي سلطة. ولما كان أولئك الذين يوفرون الإبل لمقاطعتهم نفسها لن يسمح لهم بالتقدم مسافة أبعد ، فقد نجم عن ذلك أننا تأخرنا في عقد صفقة للحصول على تجهيزات جديدة لدى دخولنا حدود المنطقة الأخرى. إن هذه المسألة التي استغرقت في بعض الأحيان ساعتين أو ثلاث ساعات من حرب الكلمات التي لا تنقطع ، جعلتني سعيدا ، وأنا أحيلها إلى (علي) الذي قام بواجبه على خير وجه وبكل ما يملكه العربي من موهبة في الجدل والمناظرة. إن صبر الشخص الإنكليزي ـ بصرف النظر عن كثرة رحلاته ـ سوف يخونه بلا ريب في مثل هذه المناسبات بعد مرور بضع دقائق. وبهذا لن يتمنى العربي الماكر ما هو أكثر من هذه الفائدة. كانت الصفقات تبدأ عادة بصوت واطئ إذ يعلن أحد الأطراف عن قيمة البضاعة التي تكون عادة عشرة أضعاف السعر الذي يريد أن يتقاضاه أو يتوقع من الطرف الآخر أن يمنحه إياه. فيكون الجواب عبارة عن استهجان ونظرة تعجب مصطنعة ، وبعدئذ يغدو الجدال أكثر إثارة وتحوّل الجماعات مقاعدها من مكان إلى آخر. في بعض الأحيان كان صوت (علي) يسمع وهو يصرخ فيطغي على صوت منافسه ، وفي أحيان أخرى ، يتضاءل حتى لتحسبه خائفا. وكنت بالكاد أسمع صوته بنغمة تدل على الرثاء أو التأنيب أو الاعتراض أو التوسل. وفي نهاية المطاف ، ينهض وينسحب ويصب اللعنات والسباب على جشعهم الذي لم يعرفه أحد من قبل ، إلا أن شخصا ما أو شخصين من المتفرجين يلحقان به ويعيدانه إلى حيث يتكرر المشهد نفسه حتى تسوّى القضية. لا بد لي من أن أكرر أيضا بأن أي مخلوق ، باستثناء العربي ، في ميسوره أن يتحمل التجربة التي يتعرض إليها صبره وهو ينظم هذه الصفقات المطولة جدا. وحتى عند ما يبدو للجميع أن