الفصل الخامس عشر
صحار ـ شناص ـ دبا
في بلد يميل فيه السكان إلى العدوانية ، فإن الرحالة سيحسن صنعا أن لم يعد من نفس الطريق التي جاء منها إذا استطاع إلى ذلك سبيلا. ففي المرة الأولى التي يمر فيها ، فإن مروره ذاك يكون قبل أن يستفيق السكان من أثر مفاجأة الزيارة. أما في الزيارة الثانية ، فإنه سيغدو موضوع حديث طويل واستفسار ، وإن كانوا ميالين إلى الشر ، فإنهم سيبحثون عنه طويلا حتى يجدوه. أن أحداث اليوم والأمس ، علاوة على العديد من الأحداث التي وقعت فيما مضى ، أثبتت لي صحة وجهة نظري.
ففي طريقنا إلى (عبري) ، مررنا ب (العينين) دون إثارة دهشة كبيرة. لكن أخبار عودتنا كانت قد سبقتنا ، ونتيجة لذلك فقد استقبلنا وسار من وراءنا العديد من الشبان والأطفال عند مدخل البلدة وفي أثناء اجتيازنا لها ، وهم يصرخون ويرجموننا بالحجارة. حتى الشيخ نفسه ، الذي كان مجاملا في زيارتنا الأولى ، لم يرغب في تركنا نواصل الرحلة دون أن نقدم له الهدايا ، إضافة إلى الهدية التي قدمتها له لقاء إزعاجه. لهذا لم يكن أمامي أي خيار سوى الرضوخ. وتجدر الإشارة إلى أن هي المرة الأولى التي فقدت فيها شيئا تافها ، أو تعرضت فيها إلى الابتزاز ، في مجمل عمان ، باستثناء بعض المواد التي فقدت في (عبري).
في ظهيرة اليوم التاسع عشر من مارس / آذار ، وصلنا مرة أخرى إلى (السويق) ، حيث استقبلنا (السيد هلال) بكل المودة التي سبق له أن استقبلنا بها. وضحك كثيرا ، ولم يندهش ، للاستقبال الذي لقيناه في (عبري) ، وكانت دهشته الوحيدة على ما يبدو أننا نجونا بجلدنا. واكتشفت أنه بعد أن تلقى أنباء عن حركة الوهابيين إلى أمام ، أرسل رسولا يطلب منا العودة إليه ، لكن ذلك الرسول أخطأنا ومرّ بنا ولم يتعرف علينا في الطريق.
لم يشجعني الشيخ على مواصلة الاستمرار في الرحلة إلى (البريمي). وقال : «ومع هذا ، أن كنت راغبا في بذل آخر محاولة ، فإنني سأزودك بقارب ينقلك إلى (شناص) وسنخبر