الرملية والأعشاب الطبية والشجيرات الغريبة عن الصحراء إلا كلأ بسيطا لقطعان الماعز الكثيرة التي نصادفها دوما. وتوجد أيضا الشجرة التي تدر الحليب ، وتنمو وسط شقوق الصخر ، وعلى الرغم من الطبيعة المرة للعصير المستخلص من هذه الأوراق ، والذي يتصف بالقدرة على كشط البشرة إذا ما وضع عليها ، فإن الماعز والإبل تتغذى عليه (١). الأغنام قليلة وهي تسرح فوق الصخور دون راع ، إلا أنها تعلم متى تعود عند المناداة عليها عند ما يصبح من الضروري حلبها. والمسافة التي يظل فيها أصحابها قادرين على مناداتها بعيدة جدا ، ويستطيع هؤلاء الحديث مع بعضهم بعضا دون صعوبة عبر التجاويف التي يبلغ عرض بعضها مسافة نصف ميل.
يسكن عموم المنطقة قوم يتحدثون بلهجة تختلف عن لهجة القبائل (٢) التي تسكن المناطق الأخرى من عمان ، وهم يبعثون على الدهشة في تمسكهم ببراريهم الموحشة ، وهم لا يغادرونها إلا نادرا باستثناء الحالات التي يتم فيها تشغيلهم لقاء أجر في موسم حصاد التمور على ساحل (الباطنة) وفي زياراتهم لجزيرة (لارك) حيث توجد جماعة صغيرة منهم تعمل في صيد الأسماك وتمليحها. كما أنهم ينأون عن جيرانهم وقد استفسرت عنهم في المدينة بلا طائل. وقبل أن تقوم سفن المسوحات بزيارتها ، لم يسبق لهم مشاهدة أي أوروبي ويظهرون الدهشة لرؤية النظارات الطبية والساعات اليدوية وغير ذلك من الحاجيات المثيرة التي كان في وسع أكثر المتوحشين من هولندة الجديدة عرضها أمامهم (٣). وهم عموما فقراء جدا لا يسترون أنفسهم إلا بوزرة صغيرة ، ويسكنون في أكواخ دائرية صغيرة مشيدة بالحجارة ، ويبلغ ارتفاعها حوالي أربعة أقدام ، فوق شريط ساحل البحر. وهناك أماكن سكن أخرى ضمن المناطق المحمية ببعض الصخور التي تشكل عائقا طبيعيا ، وتكون الواجهة والجانبان مشيدين في هذه المناطق ، أما العدد الأكبر منهم فيسكن في الكهوف والتجاويف. وفي إحدى المرات ، عند ما تقدمت إحدى سفن المسوحات كثيرا من الساحل ، وساد الخوف من إمكانية جنوحها ، احتشد الرجال
__________________
(*) هي شجرة العشر.
(**) يتناول المؤلف هنا قبيلة الشحوح.
(***) المقصود بهولندا الجديدة هو أستراليا حاليا وقبائلها الأصلية تعرف ب (الأيورجين).