الفصل السادس عشر
ساحل القراصنة
بقي لنا أن نتحدث عن القراصنة (١) ، وهم قوم غير معروفين هنا إلا قليلا ، إلا أن قوتهم وتأثيرهم كانا ولا يزالان يرتبطان ارتباطا وثيقا بالأحوال السياسية للقبائل في هذا الجزء من الجزيرة العربية. وهم يحتلون جزءا من الساحل ضمن الخليج العربي وينحصر بين سلسلة الجبال وساحل البحر ويمتد هذا الجزء باتجاه (خصب) وحتى جزيرة (البحرين) وهي مسافة يبلغ طولها ثلاثمائة وخمسين ميل. وتحمل هذه المنطقة على الخريطة اسم (ساحل القراصنة).
يمكن إرجاع تاريخ هؤلاء القراصنة إلى عهود موغلة في القدم. ففي تفسير (ابن حوقل) للقرآن الكريم (٢) ، يخبرنا المؤلف بأنه قبل إطلاق سراح بني إسرائيل من الأسر المصري ، استولى رعايا أحد ملوك القراصنة في هذه البقاع على كل سفينة ثمينة تمر بهم. وقد ساعدهم امتلاكهم عددا قليلا من الموانئ في مدخل الخليج العربي وقربه ـ حيث لا يتجاوز عرض المسافة أكثر من ثلاثين ميل ـ على رؤية كل السفن القادمة ومهاجمتها. ولم يقتصر سلبهم ونهبهم على هذه المنطقة حسب ، إذ لم تستثنى مجمل الحدود الجنوبية للجزيرة العربية والحدود الشمالية للهند من عملياتهم التدميرية. وأثبتوا للبرتغاليين في أثناء إقامتهم القصيرة في الهند بأنهم مصدر قلق واضطراب مثلما كانوا كذلك بالنسبة لنا (٣) في الربع الأخير من القرن الثامن عشر.
ظل إمام (مسقط) في حالة حرب دائمية مع هؤلاء اللصوص. ففي سنة (١٨٠٥) واجههم
__________________
(*) يقصد المؤلف هنا قبيلة القواسم والتسمية تعكس حدة المواجهة التي أبداها سكان الخليج العربي تجاه الأطماع الاستعمارية ورفضهم للوجود الأجنبي على مياههم وسواحلهم البحرية.
(**) كذا في الأصل الإنجليزي ولا يعرف للمذكور تفسير للقرآن فقد كان جغرافيا ورحالة ومن أشهر كتبه (صورة الأرض) توفي عام ٣٦٧ ه / ٩٧٨ م.
(***) أي للانجليز.