الفصل الثامن عشر
الوصف العام لعمان
على هذا الأساس يمكن وصف (عمان) بأنها صحراء تكثر فيها الواحات وتحتوي وسط جبالها على العديد من الوديان الخصبة. ومع هذا ، فإن هذه الوديان بعيدة عن بعضها ولا بد من الاعتراف بأن مساحة الأراضي المزروعة قليلة مقارنة بالأراضي المجدبة ، لان الأراضي المحصورة بين الواحات غربا والصحراء الكبرى عبارة عن سهل قاحل ، رملي أو طيني ، حسب انتشار الجسيمات فيه ، فإما أن تكون من الألمنيوم أو من السيليكا. وتظهر هنا وهناك بعض الأعشاب الغضة التي تتغذى على قطرات الندى الليلية ، ولا توفر إلا كلأ قليلا لقطعانهم القليلة. أما الدروب الكبيرة التي تشغلها قيعان الجداول المائية فتحتوي على طبقة من كتل كلسية دائرية الشكل انتقلت من الجبال وظلت فوق سطوحها وباتت خالية من كل شكل من أشكال الخضراوات باستثناء بعض الشجيرات القصيرة التي لا تأكلها إلا الإبل. وتتصف التربة في (تهامة) بأنها صلبة ورديئة النوعية في بعض الأماكن ، إلا أنها تصلح للزراعة إلى حد كبير في الأماكن الأخرى التي يرويها الماء. وفي منطقة الحزام الضيق الذي يحاذي ساحل البحر ويدعى (الباطنة) تزرع كميات كبيرة من الخضراوات والحبوب ، في حين يمتد خط مستقيم من أشجار النخيل عرضه أربعة إلى ستة أميال من (السيب) وحتى (خور فكان) وهي مسافة يبلغ طولها حوالي مائتي ميل. ويشير المؤلفون العرب باستمرار إلى نخيل عمان. كما تكثر الزراعة على امتداد ضفاف جداول الأنهار والأراضي القريبة من المدن. إلا أن المظهر الرئيسي في هذه البلاد هو الواحات التي تنتشر من (بني بو علي) وتمتد بخط مستقيم إلى جهة الغرب والشمال الغربي. وهي ذات شكل مستطيل عادة تمتد على الزوايا اليمنى من الجداول التي تزودها بالمياه. وتختلف مساحاتها ، إذ يتراوح محيطها بين ميل أو أقل إلى سبعة أو ثمانية أميال. وقد شرحت عند حديثي عن واحات (بدية) الطريقة الفريدة والمعقدة التي ينقل السكان بواسطتها الماء إليها.