إلا إذا كان ذلك لأجل الطعام. وحتى في مثل هذه الحال ، فإن الغفران يستجدى للضرورة التي تملي القيام بمثل هذا الفعل. وعند ما يقترب الموت من الحيوان المسكين ، فإن النسور وغيرها من الطيور الكاسرة التي تتجسس أو تشم رائحة فريستها من على بعد مسافة شاسعة ، تتجمع أسرابا أسرابا وتنقض على الجسد وتبدأ بنهشه حتى قبل أن يلفظ الحيوان أنفاسه الأخيرة. وهكذا يشاهد الرحالة باستمرار بقايا خادم الإنسان الوفي التي تكون في بعض الأحيان عبارة عن هيكل عظمي كامل مغطى بالجلد الذابل المتعفن ، أو قد تكون العظام وحدها هي الباقية دون قطعة لحم وقد باتت بيضاء اللون ساطعة بفعل أشعة شمس الصحراء المحرقة.
أما فيما يخص الجياد فعددها قليل جدا باستثناء تلك التي يملكها الإمام نفسه ، وفي بعض أجزاء (عمان) لا يعرف الناس شكل الجواد. وذات يوم ، كنت أعتلي صهوة جوادي وأنطلق في مقدمة القافلة عند ما تصورت جماعة قادمة من إحدى المدن بأنني أحد الوهابيين. وكنت قريبا من مرمى هذه الجماعة لو لا سرعة هذا الحيوان النبيل ، الذي أسميته سيدا تيمنا باسم السيد الذي وهبني إياه ، والذي أدين له بحياتي. ولدى عودتي من (عبري) إلى (السويق) ، وخلافا لرغبة البدو الذين تلقوا أبناء تفيد بأن الوهابيين يكمنون في الجوار ، غادرت القرية التي توقفنا فيها دون مرافقة أحد سوى بندقيتي بحثا عن طريدة. وما أن ابتعدت مسافة ثلاثة أميال عن السور حتى وجدت نفسي عند ما انعطفت من حول إحدى الصخور بأنني على بعد مسافة قصيرة جدا من مجموعة من الفرسان كانوا يستلقون على الأرض ويتنعمون بالشمس بكسل. كانت الاستدارة والهرب عملا مكشوفا ، لكن على الرغم من ذلك ، ما كدت أستدير حتى كان جميع الفرسان فوق صهوات جيادهم يلحقون بي.
أزّت بعض الرصاصات قرب رأسي واستطاع الجواد أن يميزها على الفور وشرع يثب إلى الأمام كالظبي. كان معتادا على مثل هذه الأمور. وكانت رغبة الفرسان في القبض عليه دون أن يصيبه أذى هي التي منعتهم من إصابته مباشرة. وعند ما اقتربنا من البلدة ، نظرت إلى الوراء فشاهدت شيخا يعلو صهوة جواد أفضل من بقية رجاله في المقدمة وكان رداءه وشعره الطويل يتطايرون من ورائه في حين أمسك برمح طويل عاليا غير متأكد إن كانت المسافة كافية لتسديده صوبي. غير أنه ولحسن حظي ، قدّر أنه ليس على مقربة تكفي