الفصل الثاني
وصف لمسقط
على الرغم من مظهر (مسقط) الخارجي الذي لا يعد بشيء ، إلا أن هناك أجزاء قليلة يمكن الحصول منها على مؤن بكميات أكبر أو بنوعية أفضل. فلحوم الأبقار والأغنام والدواجن والفواكه متوفرة طوال أيام السنة والأسماك جيدة ومتعددة الأنواع. وتزود مسقط بالمياه بوساطة بئر عميق على مقربة من إحدى القلاع التي ينتصب فيها أحد الحراس في زمن الحرب للحيلولة دون قيام الآخرين بقطع الماء. وثمة قناة أنشئت حديثا لنقل الماء إلى المدينة ، غير أنه ماء عكر ونوعيته ليست بالجيدة ولا بالرديئة. يزخر خليج مسقط بالأسماك الجيدة والمتنوعة.
الغالبية العظمى من سكان مسقط ينتمون لأعراق مختلفة. فالذين ينحدرون من أصل عربي وفارسي وهندي وسوري ـ عن طريق بغداد والبصرة ـ وكردي وأفغاني وبلوشي انجذبوا إلى (مسقط) بسبب اعتدال حكومتها فاستقروا فيها إما بهدف التجارة أو لتفادي استبداد الحكومات المجاورة. وندرك أن الأمر كان على ذلك الحال منذ زمن قديم جدا. فقبل قرنين على ولادة الرسول محمد (ص) لجأت إحدى القبائل القوية التي كانت تقطن سواحل الخليج العربي إلى هذا المكان هربا من اضطهاد الفرس. وفي سنة (١٨٢٨) استقبل الإمام بكل عطف وحنان مجموعة من اليهود لم يعد في وسعهم تحمل ضرائب (داود باشا) وطغيانه. كما جعل بعض الأفغان من مسقط مقرا دائما لهم والذين يشاهدون في المدينة هم في غالبيتهم من الحجاج القاصدين مكة أو العائدين منها. لهذا السبب قلما يقومون بمضاربات تجارية ، والأكثر من هذا أنهم ، ينأون عن بقية الطبقات. أما البلوش ، فهم على العكس من ذلك ، ويتميزون بفقرهم الشديد عامة. وهناك عدد لا بأس به من هؤلاء البلوش يعملون مجندين في حراسة الإمام. والبقية الباقية تعمل في الحمالة ، وهي مهنة تؤهلهم لها أجسادهم الرياضية في حين أن القليلين جدا يعملون في الملاحة على ظهر السفن (البغلة) (١)
__________________
(١) البغلة : وصف عام لسفن ذات حمولات متباينة تتراوح بين خمسمائة إلى ثلاثمائة طن.